فهذا أوانه ، وعزّوا نبيّكم المصطفى في هذا اليوم بسبطه ، وأسعدوا وليّكم المرتضى على مصابه برهطه ، فإنّ البكاء في هذا اليوم لمصاب آل الرسول من أفضل الطاعات ، وإظهار الجزع لما نال ولد الطاهرة البتول من أكمل القربات.
روى مسمع بن عبد الملك كردين البصري (١) ، عن سيّدنا أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : يا مسمع ، إنّ السماوات والأرض لم تزل تبكي مذ قتل أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، ومن يبكي لمصابنا من الملائكة أكثر من ذلك ، وما من عبد بكى رحمة لنا إلّا رحمهالله قبل أن تخرج الدمعة من عينه ، فإذا سالت على خده فلو أن قطرة منها سقطت في جهنّم لأطفأت حرّها حتّى لا يوجد لها حرارة.
وما من ذي قلب يتوجّع لمصيبتنا إلّا أعطاه الله فرحة عند موته لا تزال معه حتّى يرد علينا الحوض ، وإنّ الكوثر ليفرح بالمؤمن يقدم عليه فيسقى منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً ، ولا سقي بعدها أبداً ، وإنّه لفي طعم الزنجبيل ، ورائحة المسك ، أحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الدمع ، وأذكى من العنبر ، يخرج من معين تسنيم ، فيمرّ في أنهار الجنّة على رضراض (٢) الدرّ والياقوت ، وإنّ رائحته لتشمّ من مسيرة ألف عام وعليه قدحان من الدرّ والياقوت أكثر عدداً من نجوم السماء ، وعلى حافّته أمير المؤمنين عليهالسلام قائم وبيده عصا من عوسج يذود بها أعداءنا ، وإنّ الرجل منهم ليأتي فيقول : يا أمير المؤمنين ، اسقني شربة فإنّي كنت في دار الدنيا مقرّاً بالشهادتين.
فيقول له أمير المؤمنين : ارجع إلى إمامك الّذي كنت تتولّاه في دار الدنيا
__________________
١ ـ كذا في الكامل ، وفي الأصل : مسمع بن عبدالكريم البصري.
٢ ـ كذا في الكامل ، وفي الأصل : رضاض. والرضراض : الحصا أو صغارها.