.................................................................................................
______________________________________________________
وأُخرى بصحيحة زرارة وأبي بصير ولعلّها أوضح قالا «قلنا له : الرجل يشكّ كثيراً في صلاته حتّى لا يدري كم صلّى ولا ما بقي عليه ، قال : يعيد ، قلنا : فإنّه يكثر عليه ذلك ، كلّما أعاد شكّ ، قال : يمضي في شكّه ، قال : لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فانّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد فليمض أحدكم في الوهم ، ولا يكثرنّ نقض الصلاة ، فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ ...» إلخ (١).
فإنّه يستفاد منهما أنّ المناط في عدم الاعتناء بكثرة الشكّ عدم تمكين الخبيث وتطميعه وتعويده ، وأنّه متى تُرك تَرك ولم يعد إليه الشك ، فلا يفرق في ذلك بين تعلّق الكثرة بأجزاء الصلاة أم بأصلها.
ولكنّ الظاهر عدم الدلالة على التعدّي ، لوجود الفارق.
أمّا الأخيرة فلأنّ موردها النقض وقطع الصلاة ، وهو إمّا محرّم كما عليه المشهور أو مكروه على الأقل ، وعلى أيّ حال فهو أمر مرجوح. ومقتضى مناسبة الحكم والموضوع أن يكون ذلك مستنداً إلى الشيطان وناشئاً عن إغوائه ، ومن ثمّ أمر (عليه السلام) بعدم الاعتناء ، فكيف يمكن أن يقاس عليه الشكّ المتعلّق بأصل الصلاة المستتبع للتكرار ، ضرورة أنّه وإن كثر لا مرجوحية فيه أبداً ما لم يبلغ حدّ الوسوسة كما هو المفروض ، فكيف يمكن أن يدّعى أنّه من عمل الشيطان ومستند إلى تطميعه كي يشمله النصّ.
وكذا الحال في كثرة الشكّ المتعلّق بالشرائط الخارجة عن الصلاة كالتطهير من الحدث أو الخبث ونحو ذلك ، فإنّ شيئاً من ذلك ما لم يصل حدّ الوسواس وكان الشكّ ناشئاً عن سبب عادي متعارف كما هو محلّ الكلام لا مرجوحية فيه بوجه.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٢٨ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦ ح ٢.