يزيد : ألا تشدّ عليه القيود؟ فقال : كفى له بالحبس قيداً.
حدّث يحيى بن عيسى قال : دخلت عليه مع حميد بن مسلم الأزدي ، ونزوره ونتعاهده ، فرأيته مقيّداً ، قال : فسمعته يقول : أما وربّ البحار والنخيل والأشجار المهامة والقفار والملائكة الأبرار والمصطفين الأخيار لأقتلنّ كلّ جبّار بكلّ لدن خطار ، ومهند بتار في جموع من الأنصار ، ليس بميل أغمار ، ولا بعزل أشار ، حتى إذا أقمت عمود الدين ورأيت شعب صدع المسلمين ، وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت بثار النبيين لم يكبر عَلَيَّ زوال الدنيا ، ولم أحفل بالموت إذا أتى.
قال : فكان إذا أتيناه وهو في السجن ردّد علينا هذا القول حتى خرج منه ، ولمّا قدم التوابين إلى الكوفة بعد واقعتهم كتب إليهم المختار ، أمّا بعد؛ ... فإنّ الله أعظم لكم الأجر وحطّ عنكم الوزر بمقارعة القاسطين وجهاد المحلّين ، إنّكم لم تنفقوا نفقة ولم تقطعوا عقبة ولم تخطوا خطوة إلّا رفع الله لكم بها درجة ، وكتب لكم بها حسنة ، إلى ما لا يحصيه إلّا من التضعيف ، فابشروا فإنّي لو قد خرجت إليكم قد جرّدت فيما بين المشرق والمغرب في عدوّكم السيف بإذن الله ، فجعلتهم بإذن الله ركاماً وقتلهم فذا وتوأما ، فرحّب الله بما قارب منكم واهتدى ولا يبعد الله إلّا من عصى وأبى ، والسلام يا أهل الهدى.
فجائهم بهذا الكتاب سيحان بن عمرو من بني ليث ، من عبدالقيس قد أدخله في قلنسوته فيما بين الظهارة والبطانة ، فأتى بالكتاب رفاعة بن شداد ، والمثنى بن مخربة العبدي ، وسعد بن خذيفة بن اليمان ، ويزيد بن أنس ، وأخمر بن شميط الأحمسي ، وعبدالله بن شداد البجلي ، وعبدالله بن كامل فقرأه عليهم الكتاب ، فبعثوا إليه ابن الكامل ، فقالوا : قل له قد قرأنا الكتاب ونحن حيث يسرّك ، فإن شئت أن نأتيك حتى نخرجك فعلنا ، فأتاه فدخل عليه السجن فأخبره بما اُرسل