قال الراوي : وأقبل القوم كلّهم عليه يدعونه الى أمرهم ويرغّبونه فيه ، فقال لهم إبراهيم بن الأشتر : فإنّي قد أجبتكم إلى ما دعوتموني إليه من الطلب بدم الحسين عليهالسلام وأهل بيته على أن تولّوني الأمر. فقالوا له : أنت لذلك أهل ولكن ليس إلى ذلك من سبيل ، هذا المختار قد جاءنا من قبل المهدي ، وهو الرسول المأمور بالقتال ، وقد أمرنا بالطاعة ، فسكت عنهم ابن الأشتر ، ولم يجبهم.
قال : فانصرفنا من عنده إلى المختار فأخبرناه بما رد علينا ، قال : فغبر ثلاثاً ثم إنّ المختار دعا بضعة عشرة رجلاً من وجوه أصحابه ، قال الشعبي : وأنا فيهم وأبي ، قال : فسار بنا ومضى أمامنا يقدّ بنا بيوت الكوفة قدّاً لا ندري إلى أين يريد ، حتى وقف بباب دار إبراهيم بن الأشتر ، فاستأذنا عليه فأذن لنا ، وألقيت لنا الوسائد ، فجلسنا عليها وجلس المختار معه على فراشه ، وطلب منه أن ينهض معه ويشدّ عضده بهذه الدعوة ، فأجابه إبراهيم إلى ذلك.
قال أبو مخنف : حدّثني يحيى بن عيسى بن الأزدي ، قال : كان حميد ابن مسلم الأسدي صديقاً لإبراهيم بن الأشتر ، وكان يختلف إليه ويذهب به معه ، وكان إبراهيم يروح في كلّ عشية عند المساء فيأتي المختار ويمكث عنده حتى تصوب النجوم ، ثم ينصرف فمكثوا بذلك يديرون امورهم ، حتى اجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربعة عشر من ربيع الأول سنة ست وستّين ، ووطن على ذلك شيعتهم ومن أجابهم ، هذا وقد هال أمر المختار والي الكوفة وهو عبدالله بن مطيع ، فنظم الشرطة المسلحة على مفارق الطرق والسكك وفي الجبانين ، وقد خرج إبراهيم ليلة من الليالي ومن حوله عشيرته وهم مدججون بالسلاح متقلدين السيوف قاصدين دار المختار ، وكان إبراهيم فتى حدثاً شجاعاً.
قال الراوي : فأخذ إبراهيم على طريق باب الفيل ، وإذا بياس بن مضارب ومعه الخيل والرجال قد أخذوا أفواه السكك ، فصاح بإبراهيم : من هؤلاء؟ فقال إبراهيم : أنا إبراهيم بن مالك الأشتر ، فقال له إياس ، ما هذا الجمع معك وما