فأصبح وقد فرغ من تعبئته.
قال حميد بن مسلم : فلمّا أصبح استقدم فصلّى بنا الغداة بغلس ، ثم قرأ والنازعات ، وعبس وتولّى ، قال : فما سمعنا اماماً أمّ قوماً أفصح لهجة منه ، قال : وبعث ابن مطيع إلى أهل الجبانين يأمرهم أن ينظموا إلى أهل المسجد ، وقال لراشد بن إياس بن مضارب ناد في الناس ، فليأتوا المسجد فنادى المنادي : ألا برئت الذمة من رجل لم يحضر المسجد الليلة فتوافى الناس فلمّا اجتمعوا بعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو ثلاثة آلاف إلى المختار ، وبعث راشد بن إياس في أربعة ألاف من الشرطة.
قال أبو سعد الصقيل : ولمّا فرغ المختار من صلاة الغداة وانصرف سمعنا أصواتاً مرتفعة فيما بين بني سليم وسكة البريد ، فقال المختار : من يعلم لنا هؤلاء ما هم؟ فقلت له : أنا أصلحك الله. فقال المختار : أما لا فألق سلاحك وانطلق حتى تدخل فيهم كأنّك نظّار ، ثم تأتيني بخبرهم ، قال : ففعلت فلمّا دنوت منهم إذا مؤذنّهم يقيم ، فجئت حتى دنوت منهم ، فإذا شبث بن ربعي معه خيل عظيمة وعلى خيله شيبان بن حريث الضبي ، وهو في الرجّالة معه منهم كثرة ، فلمّا أقام مؤذنّهم تقدّم فصلّى بأصحابه فقرأ أذا زلزلت الأرض زالزاها ، فقلت في نفسي : أما والله إني لأرجو أن يزلزل الله بكم ، وقرأ والعاديات ضبحاً ، فقال له ناس من أصحابه : لو كنت قرأت سورتين هما أطول من هاتين شيئاً ، فقال شبث : ترون الديلم قد نزلت بساحتكم وأنتم تقولون لو قرأت سورة البقرة وآل عمران.
قال : وكانوا ثلاثة آلاف ، قال : فأقبلت سريعاً حتى أتيت المختار فأخبرته بخبر شبث وأصحابه وأتاه معي ساعة أتيته سعر بن أبي سعر الحنفي يركض من مراد ، وكان ممّن بايع المختار ، فلم يقدر على الخروج معه ليلة مخافة من الحرس.
قال : فسرح المختار إبراهيم بن الأشتر ، قبل راشد بن إياس في تسعمائة ،