نزلوا فصلّوا الظهر ، ثم عادوا إلى القتال ، فهزم جيش المختار جيش الشام أيضاً وقتلوا أميرهم عبدالله بن حملة ، واحتووا على ما في معسكرهم ، وأسروا منهم ثلاثمائة أسير ، فجاؤا بهم إلى يزيد بن أنس وهو بآخر رمق ، فأمر بقتلهم فضربت أعناقهم ، ومات يزيد بن أنس من يومه ذلك آخر النهار ، وكان قد استخلف ورقاء بن عامر ، فدفنه ورقاء وسقط في أيدي أصحابه وجعلوا يتسلّلون راجعين إلى الكوفة ، واتّفق رأي الأمراء على الرجوع إلى الكوفة ، فأرجف أهل الكوفة بالمختار ، وقالوا : قتل يزيد بن أنس في المعركة وانهزم جيشه وعمّا قليل يقوم ابن زياد فيستأصلنا ، وتمالؤوا على المختار وقتاله ، وإخراجه من بين أظهرهم ، وقالوا : هو كذّاب وانتظروا حتى خرج إبراهيم بن الأشتر فإنّه قد عيّنه المختار وأمره على سبعة آلاف للقاء عبيدالله بن زياد.
فلمّا خرج إبراهيم بن الأشتر اجتمع أشراف أهل الكوفة ممّن كان في جيش قاتلي الحسين عليهالسلام وغيرهم في دار شبث بن ربعي (١) وكان شيخهم وكان
__________________
(١) شبث بن ربعي على مارواه ابن حجر العسقلاني في الإصابة روى الحديث عن أبيه مالكاً وإن مالك رواه عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وذكر اليافعي في مرآة الجنان ، قال سيّد نخع وفارسها وقد ناضل الأمويين بجهده حتى فتل في الواقعة بدير الجاثليق ، من طسوج مسكن قريب من ـ أرانا ـ على نهر دجّيل في غربي بغداد ، وقتل فيها مصعب بن الزبير وكانت سنة اثنتين وسبعين للهجرة ، ولقد أحسن العلامة الشيخ محمد على الأردوبادي حيث يقول مادحاً لإبراهيم بن الأشتر رحمهالله :
في نجدة ثقفية يسطوا بها |
|
في الروع من نخع هزبر ضاري |
الندب إبراهيم من رضخت له |
|
الصيد الأُباة بملتقى الآصار |
من زانه شرف الهوى من سؤدد |
|
وعلى يفوح لها إريح نجار |
حشوا الدروع أخي حجي لم يحكه |
|
هضب الرواسي الشم في المقدار |
إن يحكه فالليث في حملاته |
|
والغيث في تسكابه المدرار |