روحه ، فحملوه الى بستان فيه نهر ماء فقطعوا الماء الذي يجري فيه ، وحفروا له حفيرة في وسط النهر فدفنوه وأجروا الماء عليه ، وكان معهم سندي فذهب إلى يوسف بن عمرو الثقفي وأخبره ، فجاء اللعين وأخرجه من قبره وصلبه في الكناسة بالكوفة ، فمكث اربع سنين مصلوباً ، حتى عشعشت الفاختة في جوفه ، ونسج العنكبوت في جوفه على عورته.
ولمّا هلك هشام ، كتب الوليد بن يزيد إلى يوسف ابن عمرو ، أما بعد : إذا أتاك كتابي هذا فاعمد إلى عجل أهل الكوفة فاحرقه وأنسفه في اليم نسفاً (١) ، فأنزله اللعين وأحرقه وذراه في الهواء.
قال حمزة بن عمران : دخلت على أبي عبدالله الصادق عليهالسلام فقال لي : من أين أقبلت؟ قلت : من الكوفة ، فبكى بكاء شديداً وجرت دموعه على لحيته حتى ابتلّت ، فقلت له : ما يبكيك يابن رسول الله؟ قال : (ذكرت عمّي زيداً).
قلت : وما الذي أصاب جبهته ، قال المرحوم الخطيب الشيخ يعقوب النجفي رحمهالله :
يبكي الإمام لزيد حين يذكره |
|
وإنّ زيداً بسهم واحداً ضربا |
فكيف حال عليّ بن الحسين وقد |
|
رأى أباه لنبل القوم قد نصبا |
وكان الصادق عليهالسلام كلما ذكر السهم يبكي.
أقول : ما يصنع حين يذكر السهم الذي وقع في قلب جدّه الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء وكلّما عالج أراد أن ينتزعه من موضعه ما تمكّن ، انحنى على قربوس سرج فرسه وقائلاً : «بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله» فاستخرج السهم من قفاه وسال الدم كالميزاب ، خرّ صريعاً إلى الأرض :
سهم أصابك يابن بنت محمّد |
|
قلباً أصاب لفاطم وفؤادا |
__________________
(١) انظر مقاتل الطالبين : ١٣٩.