الماء فأخرج إلى البرية يعني بظهر الكوفة فألتقط ما يرمي الناس من البقول فأتقوّت به ، وتزوّجت ابنته وهو لا يعلم من أنا إلى وقتي هذا فولدت منّي بنتاً فنشأت وبلغت وهي لا تعرفني أيضاً ولا تدري من أنا ، فقالت لي اُمّها : زوّج ابنتك بابن فلان السقاء لرجل من جيراننا يسقي الماء ، فإنّه أيسر حالاً منّا وقد خطبها وألحّت عَلَيَّ فلم أقدر على إخبارهم بأنّ ذلك غير جائز ولا هو بكفؤ لها ، فيشيع خبري ، وجعلت تلحّ عَلَيَّ فلم أزل استكفي الله أمرها ، حتى ماتت بعد أيام فما أحد آسى على شيء من الدنيا آساي على إنّها ماتت ولم تعلم بموضعها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم أقسم عَلَيَّ انصرف ولا أعود إليه ، وودّعني.
فلمّا كان بعد ذلك صرت إلى الموضع الذي أنتظره فيه فلم أره ، وكان هذا آخر عهدي به ، ولمّا طال تخفيه وتواريه ، وأمر المهدي العباسي أن ينادى في الكوفة بالأمان لعيسى ، فسمع منادياً ينادي : ليبلّغ الشاهد الغائب أن عيسى بن زيد آمن في ظهوره وتواريه ، فرأى عندئذ عيسى بن زيد بن الحسن بن صالح وقد ظهر فيه سرور بذلك ، فقال له : كأنك قد سررت بما سمعت؟ فقال : نعم ، قال له عيسى : والله لإخفاتي إيّاهم ساعة واحدة أحبّ إليّ من كذا وكذا.
وحدّث يعقوب بن داود قال : دخلت مع المهدي في قبّة في بعض الخانات في طريق خراسان ، فإذا حايطها عليه أسطر مكتوب ، فدنا ودنوت منه فإذا هي هذه الأبيات :
والله ما أطعم طعم الرقاد |
|
خوفاً إذا نامت عيون العباد |
شرّدني أهل اعتداء وما |
|
أذنبت ذنباً غير ذكر المعاد |
آمنت بالله ولم يؤمنوا |
|
فكان زادي عندهم شرّ زاد |
أقول قولاً قاله خائف |
|
مطرد قلبي كثير السهاد |
منخرق الخفّين يشكو الوجا |
|
تنكبه أطراف سمر حداد |