وقد رأينا أن نبايع لهذا الفتى. فقال : لا تفعلوا فإن الأمر لم يأت بعد ، فغضب عبدالله وقال : لقد علمت خلاف ما تقول ، ولكنّه يحملك على ذلك الحسد لابني. فقال الصادق عليهالسلام : لا والله ما ذاك يحملني ولكن هذا وإخوته وأبناءهم دونكم وضرب يده على ظهر أبي السفاح ، قال : ثم نهض فلحقه عبدالصمد وأبو جعفر المنصور ، وقالا : يا أبا عبدالله أتقول ذلك؟ قال : نعم والله أقول وأعلمه ثم التفت إلى عبدالله وقال : والله ما هي إليك ولا إلى ابنيك ولكنّها لهؤلاء ، وإنّ ابنيك لمقتولان (١). قال : وتفرّق المجلس ولم يجتمعوا بعدها.
وروى عن عبدالله بن جعفر بن المسور في حديثه قال : وخرج في ذلك اليوم جعفر الصادق يتوكّأ على يدي ، فقال لي : أرأيت صاحب الرداء الأصفر ـ يعني أبا جفعر المنصور ـ؟ قلت : نعم ، قال : فإنّا نجده يقتل محمّد. قلت : أو يقتل محمّداً؟ قال : نعم ، فقلت في نفسي حسده وربّ الكعبة ، قال : ثم ما خرجت والله من الدنيا حتى رأيته قتله.
وعن ابن داحة أنّ جعفر بن محمد عليهالسلام قال لعبدالله بن الحسن : إنّ هذا الأمر والله ليس لك ولا إلى ابنيك وإنّما هو لهذا ـ يعني السفاح ـ ، ثم لهذا ـ يعني المنصور ـ ثم لولده من بعده لا يزال فيهم حتى يوامروا الصبيان ويشاوروا النساء ، فقال عبدالله : والله يا جعفر ما أطلعك الله على غيبه ، ما قلت هذا إلا حسداً لابني. فقال : لا والله ما حسدت ابنك وإن هذا يعني ـ يعني أبا جعفر ـ يقتله على أحجار الزيبت ، ثم يقتل أخاه إبراهيم بعده بالطفوف ، وقوائم فرسه في الماء ، قال : ثم قام مغضباً يجرّ رداءه فتبعه أبو جعفر المنصور فقال له : أتدري ما قلت يا أباعبدالله؟ قال : اي والله أدريه وإنّه لكائن.
__________________
(١) وهذه من مغيبات الإمام الصادق عليهالسلام.