قال الراوي : حدّث من سمع من أبي جعفر المنصور إنّه لمّا انصرفت صرت لوقتي فرتبت عمالي وميزت أموري تميّز مالك لها ، قال لي : فلمّا ولي أبو جعفر الخلافة سمي جعفر الصادق عليهالسلام وكان إذا ذكره يقول : قال لي الصادق جعفر ابن محمد كذا وكذا ، كان المنصور يتربض بإمامنا الصادق الدوائر حتى أشخصه من المدينة إلى بغداد مرّتين ، وفي المرّة الثانية أوفقه بين يديه حافياً حاسراً وكان الإمام قد جاوز السبعين سنة حتى صار يراوحه برجليه يرفع اليمنى ويضع اليسرى ، ويضع اليمنى ويرفع اليسرى حتى رفع راسه وكلّمه بكلام لا يطيق اللسان تردّده فكان مما قال له : تكتب إلى أهل خراسان وتدعوهم الى نفسك ، والإمام يتعذر له من ذلك.
قال الراوي : ثم إنّ المنصور مدّ يده تحت الفراش وأخرج كتباً إلى الصادق عليهالسلام فنظر إليها وقال : والله يابن العم ليست هذه كتبي ولا هذا خطّي ولا هذا توقيعي ، صيّرني إلى بعض حبوسك حتى يأتيني الموت فإنّه منّي قريب ، وأقسم بالله ما كان وقوف الصادق عليهالسلام هذا بين يدي المنصور الدوانيقي إلّا فرع من وقوف جدّه السجاد بين يدي يزيد بن معاوية غير أنّ هناك فرق عظيم : الصادق وقف بين يدي المنصور وحده ولكن جدّه السجاد وقف بين يدي يزيد بن معاوية معه عمّاته وأخواته :
فهنّ على أكفائهنّ نوائح |
|
كما هتف فوق الغصون الوراشن |