حميد بن قحطبة ، وقال له : يا حميد بن قحطبة اُبرز إليّ فأنا محمد بن عبدالله. فقال حميد : قد عرفتك وأنت الشريف بن الشريف الكريم ابن الكريم لا والله لا اُبرز إليك وبين يدي من هؤلاء الأغمار أحد ، فإذا فرغت منهم فسأبرز إليك ، وكان محمّد إذا حمل هدّ الناس هدّا وكان أشبه الناس بقتال حمزة ، فبينما هو يقاتل إذ رماه أحدهم بسهم فوقف إلى جدار ، فتحاماه الناس ، فلمّا وجد الموت تحامل على سيفه فكسره وطعنه ابن قحطبة في صدره فصرعه ، ونزل إليه واحتزّ رأسه ، وجاء به إلى عيسى ، فلمّا أتي عيسى برأس محمّد ، قال لأصحابه : ما تقولون فيه فوقعوا فيه ، فقال بعضهم : كذبتم ما لهذا قاتلناه ، ولكنه خالف أمير المؤمنين وشقّ عصى المسلمين ، وإن كان لصوّاماً قوّاماً فسكتوا. قال : وأرسل عيسى الرأس إلى المنصور فأمر به فطيف به بالكوفة ، وسيّره إلى الآفاق (١).
قال ابن الأثير : ولمّا قتل محمّد أخذ عيسى بني موسى أصحاب محمّد وصلبهم ما بين ثنية الوداع إلى دار عمر بن العزيز صفّين وبقي محمّد مصلوباً ثلاثاً (٢).
قال الراوي : وأرسلت زينت بنت عبدالله أخت محمّد وابنته فاطمة إلى عيسى أنكم قتلتموه وقضيتم حاجتكم منه فلو أذنتم لنا في دفنه ، فإذن لها فدفن بالبقيع.
__________________
(١) (فائدة) : ذكر ابن الأثير في تاريخه وغيره : أنّ محمداً بن عبدالله لمّا قتل وبلغ أخاه إبراهيم قتله يومئذ قد ظهر بالبصرة وتابعه الناس ، وكان ذلك اليوم يوم عيد ، فخرج إلى الصلاة بالناس ونعاه على المنبر وأظهر الجزع عليه وتمثل قائلاً :
أبا المنازل يا خير الفوارس من |
|
يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا |
الله يعلم أنّي لو خشيتهم |
|
وأوجس القلب من خوف لهم جزعا |
لم يقتلوه ولم أسلم أخي أحداً |
|
حتى نموت جميعاً أو نعيش معا |
(٢) كان قتل محمد وأصحابه يوم الإثنين بعد العصر لأربع عشر خلت من شهر رمضان.