الحرس ، وكان يسألهم حاجتهم ويلطف بهم ، كما وصّاه يزيد حتى دخلوا المدينة ، ولمّا وصلوا قالت فاطمة بنت علي (أي ام كلثوم) لاختها زينب : لقد أحسن هذا الرجل إلينا ، فهل لك أن نصله بشيء ، فقالت : والله ما معنا نصله به إلّا حليّنا ، فأخرجتا سوارين ودملجين لهما ، فبعثتا به إليه واعتذرتا فرد الجميع ، وقال : لو كانت صنعت للدنيا لكان هذا يرضيني ولكن والله ما فعلته إلّا لله ، ولقرابتكم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال بشر بن حذلم : ولمّا قربنا من المدينة ، نزل علي بن الحسين عليهالسلام فحطّ رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه ، وقال : يا بشر رحم الله أباك فلقد كان شاعراً ، فهل أنت تحسن الشعر؟ فقلت : بلى يا سيّدي ، وإنّي لشاعر ، فقال عليهالسلام : قم الآن وادخل المدينة وانعى الحسين عليهالسلام ولو ببيتين من الشعر.
قال بشر : فقمت وركبت فرسي وجئت حتى دخلت المدينة ، فلمّا بلغت مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها |
|
قتل الحسين فأدمعي مدرار |
الجسم منه بكربلاء مضرج |
|
والرأس منه على القناة يدور |
قال : فضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، ثم قلت : هذا علي بن الحسين عليهالسلام مع عماته واخواته قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله إليكم اُعرّفكم مكانه.
قال بشر : فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلّا وبرزن من خدورهنّ ضاربات الصدور ، ناشرات الشعور ، وهن يدعين بالويل والثبور ، قال : فلم أر باكياً أكثر من ذلك اليوم.
قال بشر : وسمعت في طريقي جارية تنوح وتنشد :
نعى سيّدي ناع نعاه فأوجعا |
|
وأمرضني ناع نعاه فأفجعا |