إلى السطح بحزمة من قصب فاشعل أعلاه ناراً ، ففعل ذلك في جوف الليل ، فأقبلت الأزد على الخيل ، وعلى أرجلها ، حتى شحنوا السكك وملئوها ، فقال : ما لسيّدنا؟ قال : شيء حدث في الدار ، قال : فعرف عبيدالله عزته وما هو عليه ، هذا والله العز والشرف ، فأقام عنده أياماً وعنده امرأتان من الأزد وامرأة من عند عبد قيس ، فكانت العبدية تقول : أخرجوا العبد ، وكانت الأزدية تقول : استجار بك على بغضه إيّاك وجفوته لك ، وتحدّث الناس أنّه لجأ ابن زياد إلى مسعود بن عمرو ، فاجتمعت القبائل في المسجد وتكلّموا في أمر مسعود ، وأنّه أجار ابن زياد ، فلمّا سمع مسعود ، قال : ما ظنّي إلّا خارجاً إلى البصرة معتذراً إليهم من أمر عبيدالله ، ثم قال : وكيف آمن عليه وهو في منزله ، ولكنّي أبلغه أمنه ثم أمضي وأعتذر اليهم ، وكان قد أجار ابن زياد أربعين ليلة ، وخرج ابن زياد من عنده متجهاً إلى الشام على طريق السماوة ، متخفياً فكان لا يمر على ماء ولا على اناس قط.
قال الراوي : وأقبل مسعود على برذون له وحوله عدة من الأزد عليهم السيوف ، وقد عصب رأسه بسير أحمر ـ وكانت العرب تصنعه إذا أراد الرجل الاعتذار من الذنب عصب رأسه بالسير ليعلموا أنه معتذر ـ. قال : فأقل مسعود حتى انتهى إلى باب المسجد ومعه أصحابه ، وكان لم يستطع النزول لكبره ، ودخل المسجد بدابته ، فبصرت به القبائل فظنوا أنه عبيدالله فأقبلوا نحوه وجال الناس عليه جولة فضربوه بأسيافهم حتى مات ووقعت الوقعة بين قبيلته الأزد وبين مضر ، فهذا مسعود كان سبب قتله ، أن أجار ابن زياد الفاسق ، وإن كان قتلهم له خطأ ولا يلام هو على ذلك ، إذ أن العرب هذا دينهم وهذه سجيّتهم ، يجيرون من استجار بهم إلّا اللعين ابن زياد خرم هذه القاعدة ، استجار مسلم ابن عقيل بالكوفة فلم يحفظ جواره ، لا هو ولا أهل الكوفة بل قاتلوه وقتلوه ورموه من أعلى القصر إلى الأرض.
لو كان في الكوفة غير مسلم |
|
من مسلم ما قطعوه إربا |