هم على ذلك إذ أقبل النساء يبكين وينعين الحسين عليهالسلام وأقبلت همدان حتى ملؤا المسجد فأطافوا بالمنبر متقلّدين بالسيوف ، وأجمع رأي أهل الكوفة والبصرة على عامر بن مسعود بن أُمية ، فأمروه عليهم حتى يجتمع الناس ، وكتبوا إلى عبدالله بن الزبير يبايعونه بالخلافة ، فوجّه لهم عاملاً مكث عندهم سنة كاملة ، فبلغ أهل البصرة ما صنع أهل الكوفة فاجتمعوا وأخرجوا الرايات ، فلم يبق أحد إلّا وخرج وذلك لسوء آثار عيبدالله ابن زياد فيهم ، يطلبون قتله ، فلمّا رأى عبيدالله ابن زياد ذلك لم يدر كيف يصنع وخاف تميما وبكر بن وائل أن يستجير بهم ، ولم يأمن غدرهم ، فأرسل إلى الحارث بن قيس الجهمي من الأزد ، فدخل عليه الحارث ، فقال له يا حارث قد أكرمتم زياداً وحفظتم منه ما كنتم أهله ، وقد استجرت بكم فأنشكم الله فيَّ ، فقال الحارث : أخاف أن لا تقدر على الخروج إلينا لما أرى من سوء رأي العامة فيك مع سوء آثارك من الأزد.
قال : فتهيّأ عبيدالله ولبس لباس امرأة في خمرتها وعقيصتها أردفه الحارث خلفه فخرج به على الناس ، فقالوا : يا حارث ما هذه؟ قال : تنحّوا رحمكم الله هذه امرأة من أهلي كانت زائرة لأهل ابن زياد أتيت أذهب بها ، فقال عبيدالله للحارث : أين نحن؟ قال : في بني سليم ، فقال : سلمنا الله ، قال : ثم سار قليلاً ثم قال : أين نحن؟ قال : في بني ناجية من الأزد ، وجاء به إلى دار مسعود بن عمرو الأزدي ، فقال له : يا أبا قيس ، قد جئتك بعبيدالله مستجيراً ، قال : ولم جئتني بالعبد؟ قال : اشهد الله لقد اختارك على غيرك ، فلمّا رآهم عبيدالله يتراضون ويتناشدون ، قال قد بلغني الجهد والجوع ، فقال مسعود : يا غلام أنت البقال ، فآتنا من خبزة وتمره.
قال الراوي : فجاء به الغلام فوضع وأكل ، وإنّما أراد ابن زياد أن يتحرّم بطعامه ، ثم قال : ادخل فدخل ومنارات الناس يومئذ من القصب وكان منزل مسعود يومئذ قاصية ، قال : فكأن عبيدالله خاف على نفسه ، فقال : يا غلام اصعد