قال : وخرج سليمان بن صرد ليرحل ، فرأى عسكره ، فاستقبله فبعث إلى حكيم بن منقذ الكندي ، والوليد بن حصين الكناني ، في جماعة وأمرهما بالنداء في الكوفة وفي الجامع الكبير : يا لثارات الحسين عليهالسلام ، فخرج جمع كثير إلى سليمان ، وكان معه ستة عشر ألف مثبتة أسماؤهم في ديوانه ، فلم يحضر منهم سوى أربعة آلاف ، فخرج بهم وسار لمحاربة عبيدالله بن زياد (لعنه الله) ، فقال له عبدالله بن سعد : إنّ قتلة الحسين كلّهم بالكوفة ، منهم عمر بن سعد ورؤوس الأرباع والأشراف والقبائل ، وليس بالشام سوى عبيدالله بن زياد ، فلم يعبأ برأيه دون أن سار بالرجال عشية الجمعة لخمس مضين من شهر ربيع الثاني ، فباتوا ليلتهم بدير الأعور ، ثم ساروا فنزلوا على أقساس مالك على شاطئ الفرات وأصبحوا عند قبر الحسين عليهالسلام ، فأقاموا يوماً وليلة يصلّون ، ويستغفرون ، وينوحون ، ويضجّون ضجّة واحدة بالبكاء والعويل ، فلم ير يوماً أكثر بكاء ، وازدحموا عند الوداع على قبره كازدحام الناس على الحجر الأسود ، وقام وهب ابن زمعة الجعفي باكياً على القبر وأنشد أبيات عبدالله بن الحر الجعفي حيث يقول :
يبيت النشاوي من أمية نوماً |
|
وبالطف قتلى لا ينام حميمها |
وأضحت قناة الدين في كف ظالم |
|
وإذا أعوج منها جانب لا يقيمها |
فأقسمت لا تنفكّ نفسي حزينة |
|
وعيني تبكي لا يجفّ سجومها |
حياتي أو تلقى أمية خزية |
|
يذلّ بها حتى الممات قرومها |
أقول : فليت هؤلاء الصفوة حضروا إمامهم يوم عاشوراء وقد أحاطت به أعداؤه وهم سبعون ألف ، وهو وحيد فريد بلا ناصر ولا معين ، قال الشاعر :