.................................................................................................
______________________________________________________
البلوغ في ارتفاعها كان مقتضى الاستصحاب هو الحكم باستمرارها. وهذا بخلاف صورة الانفصال ، حيث إن الولاية قد ارتفعت بالبلوغ يقيناً ، غاية الأمر أنه يشك في ثبوتها بعد ذلك نتيجة لطرو الجنون ، فلا مجال للتمسك بالاستصحاب.
لكن لا يخفى ما في هذا الاستصحاب من خلل ، فإنه من استصحاب الحكم الكلي وقد تقدّم في محلِّه عدم جريانه مفصلاً.
على أنه يعتبر في الاستصحاب اتحاد القضيتين المتيقنة والمشكوكة ، ولا ينبغي الشك في فقدان هذا الشرط في المقام ، فإن الصغر والكبر كالحضر والسفر موضوعان مختلفان بنظر العرف. ومن هنا فلو فرضنا ثبوت حكم الصغر للكبر ، أو الحضر للسفر ، فليس ذلك من استمرار ذلك الحكم وبقائه ، وإنما هو حكم آخر مماثل للحكم الأوّل.
وبعبارة اخرى : إنّ الولاية المسببة عن الصغر قد زالت جزماً ، وإنما الشك في ثبوت ولاية جديدة غير الولاية الاولى ، فلا يفرق الحال فيها بين ما كان متصلاً بالصغر وما كان منفصلاً عنه. وإن لم يقم الدليل عليها ، فلا تثبت في كلتا الحالتين أيضاً.
هذا وقد استدل شيخنا الأعظم (قدس سره) على ثبوتها بنحو الإطلاق (١) بما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : «إذا كانت المرأة مالكة أمرها ، تبيع وتشتري وتعتق وتعطي من مالها ما شاءت ، فإن أمرها جائز تزوّج إن شاءت بغير إذن وليها. وإن لم تكن كذلك ، فلا يجوز تزويجها إلّا بأمر وليها» (٢) حيث إن من الواضح أن المجنونة من أظهر مصاديق التي لا تملك أمرها.
والظاهر أنه لا وجه للمناقشة في دلالتها ، من جهة أنها لم تتعرّض لإثبات من هو وليّها ، وهل هو أبوها أو جدّها أو الحاكم؟ وذلك لأن الظاهر من كلمة «وليّها» هو من يتصدّى لُامورها وشؤونها في غير النِّكاح ، ومن هنا فاحتمال كونه الحاكم بعيد
__________________
(١) كتاب النكاح ٢٠ : ١٧٥ طبع المؤتمر العالمي.
(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ٩ ح ٦.