.................................................................................................
______________________________________________________
وهذه النصوص لو لم يكن لها معارض ، لتعين العمل بها والالتزام بمضمونها ، إلّا أن في المقام معتبرتين تدلّان على لزوم استشارة البكر وعدم استقلال الأب في أمرها وهاتان المعتبرتان هما :
أوّلاً : معتبرة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «تستأمر البكر ، وغيرها ولا تنكح إلّا بأمرها» (١).
ثانياً : معتبرة صفوان ، قال : استشار عبد الرحمن موسى بن جعفر (عليه السلام) في تزويج ابنته لابن أخيه ، فقال : «افعل ويكون ذلك برضاها ، فإن لها في نفسها نصيباً». قال : واستشار خالد بن داود موسى بن جعفر (عليه السلام) في تزويج ابنته علي بن جعفر ، فقال : «افعل ويكون ذلك برضاها ، فإن لها في نفسها حظاً» (٢).
ومن هنا فلا بدّ من الرجوع إلى ما تقتضيه قواعد المعارضة. وحيث إن هاتين المعتبرتين توافقان الكتاب باعتبار أن مقتضى إطلاقاته عدم اعتبار إذن غير المرأة في العقد عليها ونفوذ عقدها مستقلة ، وتخالفان المشهور من الجمهور فإن المنسوب إلى الشافعي وأحمد ومالك القول باستقلال الأب (٣) تترجحان على تلك الروايات مع كثرتها. وحينئذ فلا بدّ من حمل تلك على التقية ، أو عدم استقلال البكر في الزواج واشتراط انضمام إذن الأب إلى رضاها.
ثمّ لو فرضنا عدم رجحان هاتين الروايتين على ما دلّ على استقلال الأب والتزمنا بتساقطهما جميعاً نتيجة المعارضة ، فلا يخفى أن مقتضى الأصل هو عدم نفوذ تصرف أحد بالنسبة إلى غيره. وعليه فلا بدّ من اعتبار رضاهما معاً ، أما رضا الأب فلما دلّ عليه من غير معارض ، وأما رضاها فللقاعدة والأصل.
والحاصل أن الروايات التي استدلّ بها على استقلال الأب ، على طوائف ثلاث :
الاولى : ما تدلّ على اعتبار رضا الأب فقط ، ومن دون تعرّض لاعتبار رضاها
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ٣ ح ١٠.
(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ٩ ح ٢.
(٣) البحر الرائق ٣ : ١١٧ ، تحفة الفقهاء ١ : ١٥٢ ، المجموع ١٦ : ١٤٩.