.................................................................................................
______________________________________________________
الذي يظهر من كلمات بعضهم ، واختاره شيخنا الأُستاذ (قدس سره) (١) بل يظهر من كلمات الشيخ (قدس سره) (٢) هو الأوّل.
واستدلّ عليه بقوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) بدعوى أنه انحلالي بالنسبة إلى طرفي العقد ، فيجب على الطرف الأوّل الالتزام به ، حتى ولو لم يجب ذلك على الطرف الآخر لعدم صدور القبول منه.
وفيه : أن موضوع الأمر بالوفاء والحكم باللزوم إنما هو العقد ، وهو على ما تقدّم غير مرّة عبارة عن ربط التزام بالتزام آخر ، كما هو الحال في عقد الحبل وشدّه بآخر. ومن هنا فمع عدم التزام الطرف الآخر لا يصدق العقد ، ولا يكون موضوع الأمر بالوفاء واللّزوم ، الذي هو بمعنى عدم قابليته للنقض والانحلال ، متحقِّقاً.
وعليه فيكون حاله حال رفع اليد عن الإيجاب قبل القبول ، بل يكون هو من مصاديقه ، فإن قبول الفضولي لا يعتبر التزاماً كي ينضم إلى التزام الأصيل ، فإنه لا يلتزم بشيء وإنما ينشئ أمراً يتعلّق بالغير.
ثمّ إن شيخنا الأُستاذ (قدس سره) قد استدل على اللزوم ، بأن الأصيل بنفس الإنشاء قد ملك التزامه للطرف الآخر ، ومن هنا فليس له أن يرجع فيه ، نظراً لكونه مملوكاً للغير.
وفيه : أن الالتزام ليس متعلقاً للتمليك وإنما هو التزام به ، فليس هو مملوكاً للغير بل لم يتحصل لنا معنى معقول لملكية الالتزام وإن كانت الاعمال قابلة للملك. على أن لازم ذلك بقاء الملك بلا مالك ، فإن الأصيل لا يملكه لأن المفروض أنه قد ملكه للغير ، والفضولي أجنبي عنه بالمرة فلا معنى لكونه هو المالك ، ولا يملكه من له الإجازة لعدم صدور القبول منه ، والملكية لا تكون قهرية بل تحتاج إلى الإيجاب والقبول ، فلا معنى لحصولها قبل القبول. فيبقى الملك بلا مالك ، وهو محال.
إذن فلا دليل على لزوم هذا الالتزام وعدم جواز رفع اليد عنه ، لعدم صدق العقد
__________________
(١) كتاب النكاح ٢٠ : ١١٠ طبع المؤتمر العالمي.
(٢) انظر النهاية : ٤٦٦.