ثمّ إنّ المولى إذا أذن ، فتارة يعين مقدار المهر ، وتارة يعمم ، وتارة يطلق. فعلى الأوّلين لا إشكال. وعلى الأخير ينصرف إلى المتعارف (١). وإذا تعدى وقف على
______________________________________________________
على أنّنا لو فرضنا جريانها في المقام ، بل لو فرضنا تصريح المولى عند الإجازة بتعهده بثبوت المهر في ذمته ، فلا يخرج ذلك عن كونه وعداً محضاً لا دليل على إلزامه به ، حيث لا موجب لانتقال المهر من ذمّة العبد إلى ذمّة المولى وفراغ ذمّة العبد به.
اللهمّ إلّا أن يضمنه المولى عند الإجازة بالضمان الشرعي ، فإن الحق حينئذٍ ينتقل إلى ذمّة المولى بلا إشكال.
نعم ، في فرض عدم الضمان لو قامت القرينة على أن إقدام العبد على هذا التزويج إقدام على أن يكون المهر في ذمّة المولى كما لو علمت المرأة بأنّ العاقد عبد لا يملك شيئاً فلا بأس بالقول بأن المهر عند الإجازة يكون في ذمّة المولى للقرينة المتقدِّمة حيث إن الإذن فيه إذن في كون المهر في ذمته ، وبهذه القرينة يرفع اليد عن انصراف الإطلاق إلى كون المهر في ذمّة العبد.
(١) خارجاً بالنسبة إلى تزويج العبد من المرأة التي تناسبه.
والوجه في ذلك بعد ما ذكرنا في باب الإطلاق أن المطلق شامل للفرد النادر أيضاً على حد شموله للفرد الشائع هو ما ذكرناه في باب الوكالة والاستعارة ، من أن الملاك الأصلي والواقعي إنما هو الرضا الباطني للموكل والمعير والآذن دون اللّفظ فإنه إنما يعتبر لكشفه عن الرضا الباطني لا غير. فبهذا اللحاظ لا بدّ من الاقتصار على الفرد المتعارف ، لأن الإذن لا يكشف إلّا عن الرضا الباطني بالتصرف المتعارف كاللبس فيما يلبس والمطالعة في الكتاب ، ولا يكشف عن غير المتعارف كفرش ما يلبس أو سد فرجة الحائط بالكتاب ، أو البيع بأقل من ثمن المثل أو الشراء بأكثر منه.
ومن هنا فالإذن في المقام ينصرف إلى الفرد المتعارف دون غيره ، لعدم كاشفية اللّفظ عن الرضا الباطني بغيره.