فضلا عن أن مصر ـ وهي البلد التي كان يأمل العلماء أن يجدوا فيها وثائق معاصرة للأحداث التي جاءت في التوراة ـ لم تشر أبدا إلى هبوط الإسرائيليين إليها ، بل ليست هناك أية إشارة في التاريخ المصري القديم إلى إسرائيل ، فيما قبل عصر مرنبتاح (١٢٢٤ ـ ١٢١٤ ـ ق. م) ، ومن هنا كان الخلاف بين العلماء على تحديد ذلك العصر الذي دخل الإسرائيليون فيه مصر ، فهناك من رأى أنهم قد هبطوا مصر على أيام الهكسوس (حوالي ١٧٢٥ ـ ١٥٧٥ ق. م) ، وهناك من تأخر بهم إلى أيام أمنحتب الثاني (١٤٣٦ ـ ١٤١٣ ق. م).
(١) الرأي الأول :
يذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن عصر الهكسوس (١) إنما هو العصر الذي هبط بنو إسرائيل فيه مصر ، معتمدين في ذلك على أدلة كثيرة ، منها (أولا) أن التوراة تروي في سفر التكوين أن يوسف كان يركب في عربة الفرعون الثانية على أساس أنه «نائب الملك» ، وفي هذا دلالة على عصر الهكسوس ، ذلك لأن «حكام البلاد الأجنبية» هؤلاء ، إنما كانوا أول من أدخل عربة الحرب السريعة إلى مصر ، ومنها (ثانيا) أن الهكسوس هم أول من استعمل العربات الرسمية في المناسبات العامة في مصر ، وكانت العربة الأولى من نصيب الملك ، بينما كانت الثانية من نصيب وزيره الأول (٢).
ومنها (ثالثا) أن «ساكن الرمال» ما كان يستطيع أن يصل إلى منصب الوزير على أيام الفراعين المصريين في تلك العصور المجيدة من تاريخ
__________________
(١) أنظر عن عصر الهكسوس : محمد بيومي مهران : «حركات التحرير في مصر القديمة» (وهو الجزء الثالث من سلسلة «دراسات في تاريخ الشرق الأدنى القديم») ـ دار المعارف ـ القاهرة ١٩٧٦ ، ص ١٢٧ ـ ١٣٠ ، ٢١١.
(٢) W.Keller ,op ـ cit ,p. ١٠٥ ـ ١٠٣.