تسلطا ، فازدادوا له بغضا من أجل أحلامه ومن أجل كلامه ، والثاني. رأى فيه يوسف أن الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا ساجدة له ، ولما قصه على أبيه وإخوته نهره أبوه وقال له : ما هذا الحلم الذي حلمت هل نأتي أنا وأمك وإخوتك لنسجد لك إلى الأرض ، فحسده إخوته ، وأما أبوه فحفظ الأمر ، وأما القرآن الكريم فيقول (يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١).
ومنها (أربع وعشرون) أن الجب الذي ألقى فيه يوسف إنما هو في التوراة بئر فارغة ليس بها ماء ، ولكنه في القرآن إنما كان به ماء (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ) (٢) ، ومنها (خمس وعشرون) أن الذي اشترى يوسف من مصر ، إنما هو في التوراة رئيس الشرطة ، وهو العزيز في القرآن الكريم ، وفرق كبير بين المنصبين (٣) ، ومنها (ست وعشرون) أن التوراة تذهب إلى أن يوسف دخل السجن بمجرد أن سمع العزيز كلام امرأته ، ودونما أي تحقيق ، ذلك «أن غضبه حمى ، وأخذ يوسف ووضعه في بيت السجن المكان الذي كان أسرى الملك محبوسين فيه» ، بينما يؤكد القرآن الكريم أن الصديق قد أودع السجن ، بعد ما ظهرت أدلة براءته ، كقد القميص وقطع الأيدي وشهادة الصبي وغير ذلك (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) (٤) ، وهذا يدل على أن سجن الصديق لم يكن بسبب غضب فجائي من العزيز للموقف المخزي الذي رأى فيه امرأته ، وإنما تم ذلك بتدبير وتخطيط الهدف منه أن ينسى الناس قصة أو قل فضيحة امرأة العزيز التي لاكتها الألسن كثيرا بين أوساط الناس.
__________________
(١) سورة يوسف : آية ٤ ـ ٥ ، تكوين ٣٧ / ٥ ـ ١١.
(٢) سورة يوسف : آية ١٩ ، تكوين ٣٧ / ٢٤.
(٣) سورة يوسف : آية ٢١ ، ٣٠ ـ تكوين ٣٧ / ٣٦.
(٤) سورة يوسف : آية ٢٣ ـ ٣٥ ، تكوين ٣٩ / ٧ ـ ١٩.