أيام ير بعام الأول (٩٢٢ ـ ٩٠١ ق. م) وبعد موت نبيّهم سليمان عليهالسلام مباشرة عام ٩٢٢ ق. م (١).
ومنها (ثامنا) أن المفسرين والمؤرخين المسلمين يذكرون أسبابا للاضطهاد ، ليس من بينها أبدا عقيدة بني إسرائيل التوحيدية ، وإنما هي أسباب تتصل بنبوءات خشى فرعون منها على ملكه (٢) ، وسوف نناقشها بالتفصيل في مكانها من الفصل التالي ، ومنها (تاسعا) أن حال بني إسرائيل في مصر لم يكن شرا كله ، ولا نكرا كله ، إذ أبدوا استعدادا للعيش مع المجتمع والتعاون بين بنيه ، بل إن التوراة لتذكر صراحة أن الفرعون إنما كان ينظر إليهم ، حتى في أوقات الشغب ، وكأنهم من الشعب ، وليسوا مجموعة من العبيد أو حتى المستعبدين «فقال لهما ملك مصر : لما ذا يا موسى وهارون تبطلان الشعب عن أعماله (٣)» ، بل إن القرآن الكريم إنما يقدمهم على أنهم قد أصبحوا جزءا من رعية فرعون أو طائفة منهم ، قال تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) (٤) ، وهكذا كان ينو إسرائيل «طائفة منهم» أي من الشعب المصري ، ولم يكونوا بالطائفة المنبوذة التي لا يتعامل معها الناس ، أو ينفر منها الملوك ، بل لقد كان ساقي مرنبتاح رجلا يحمل اسما لا شك في صيغته العبرية هو «بن عزين» ، وقد روت التوراة من أمر موسى والتقاطه ما يدل على مكانة بني إسرائيل عامة من المصريين وتسامح المصريين معهم (٥).
__________________
(١) ملوك أول ١٢ / ٢٥ ـ ٣٣ ، هوشع ٨ / ٥ ـ ٦.
(٢) أنظر : ابن كثير : البداية والنهاية ١ / ٢٣١ ـ ٢٣٨ ، قصص الأنبياء ٣ / ٤ ـ ٥ ، تاريخ الطبري ١ / ٣٨٦ ـ ٣٨٨ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٣٣ ، المسعودي مروج الذهب ١ / ٦١.
(٣) خروج ٥ / ٤.
(٤) سورة القصص : آية ٤.
(٥) أنظر : خروج ٢ / ٥ ـ ١٠ ، أحمد عبد الحميد يوسف : المرجع السابق ص ٩١ ـ ٩٢.