الأمثل بأنه الحاكم العادل الكفء الذي لا يحمل في قلبه شرّا لرعيته ، ويعمل جهده على جمع كلمتها وتوحيد صفوفها ، إنه كالراعي يصرف يومه في جمع قطيعه بعضه إلى بعض ، ومن ثم فإن الثورة رغم أنها أبقت على مبدأ الملكية الإلهية ، فإنها في الوقت نفسه نادت بحقوق الأفراد وبالعدالة الاجتماعية مما جعل الملك المؤله راعيا لشعبه يسهر على مصالحهم ويضني نفسه في سبيل سعادتهم ، وهكذا لم يعد الملك ذلك الحاكم الجبار ، فوق البشر ، وإنما غدا إنسان له ما للإنسان من ضعف ونزوات ، وحاكما يعمل لخير شعبه ، ويجهد نفسه على أن يكون دائم اليقظة ، حتى لا يؤخذ على غرة ، شأنه في ذلك ، شأن أي إنسان ، قد يفعل الخير فيجد خيرا ، وقد لا يجد سوى الشر.
هذا وقد أشرنا من قبل عن أن مصر لم تكن أبدا تعرف عبادة الملك الحي طوال العصور الفرعونية ، وإن حاول ذلك «أمنحتب الثالث» ، وعلى استحياء شديد في النوبة ، وليس في مصر نفسها ، ثم حاول كذلك رعمسيس الثاني في معابده التي أقامها في النوبة للآلهة المصرية وفي «هربيط» وكانت مدينة عسكرية ، ثم رعمسيس الثالث في منف وفي العاصمة «بي رعمسيس» ، وإن لم تشر سجلات عصره في بردية هاريس ومدينته هابو إلى ذلك أبدا (١).
__________________
(١) أنظر عن الموضوع والمراجع (محمد بيومي مهران : الثورة الاجتماعية الأولى ، الإسكندرية ١٩٦٦ ص ١٩٠ ـ ٢٤٠ ، الحضارة المصرية ـ الإسكندرية ١٩٨٤ ص ٩٧ ـ ١٢٨).