تحدثنا عن وصول يوسف الصديق إلى منصب كبير في الحكومة المصرية على أيام الهكسوس كما أشرنا إلى ذلك من قبل ، كما تحدثنا عن دخول بني إسرائيل مصر ، وقد عضهم الجوع في أرض كنعان ، فأتوا إلى أرض النيل يلتمسون المأوى والشبع ، وقد حققت لهم مصر ما يريدون ، وتلك عادتها طوال عصور التاريخ ، ومنها (ثامنا) أن التوراة تتحدث في سفر التكوين أن الرب أخبر خليله إبراهيم بأن بني إسرائيل سوف تكتب عليهم الذلة والمسكنة في مصر فترة قوامها قرونا أربعة ، زادها سفر الخروج ثلاثين عاما ، كما تحدثت عن خروج القوم من مصر ، وقد كانوا في عجلة من أمرهم ، حتى أنهم ما كانوا قادرين على أن ينتظروا حتى يختمر عجينهم ، ومن ثم فقد خرجوا دون أن يصنعوا لأنفسهم زادا (١) ، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن الإسرائيليين قد خرجوا من مصر بأمر الله ليلا قال تعالى في سورة الدخان : (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) ، وقال تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) (٢).
ومنها (تاسعا) أن التوراة تجعل من مدينة «بي رعمسيس» نقطة التجمع التي بدا منها بنو إسرائيل الخروج من مصر (٣) ، وهذه لم تنشأ ، كما أشرنا من قبل ، إلا على أيام «رعمسيس الثاني» (١٢٩٠ ـ ١٢٢٤ ق. م) ، ومنها (عاشرا) أن التوراة والقرآن العظيم يصفان حياة بني إسرائيل في مصر ، بكل الذل والهوان ، تقول التوراة «فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف ، ومرروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وكل عمل في الحقل ، كل عملهم الذي عملوه بواسطتهم عنفا» (٤) ، وكان الهدف ، فيما يرى جيمس
__________________
(١) تكوين ١٥ / ١٣ ، خروج ١٢ / ٣١ ـ ٤٠.
(٢) سورة الشعراء : آية ٥٢ ، وأنظر سورة طه : آية ٧٧.
(٣) خروج ١٢ / ٣٧.
(٤) خروج ١ / ١٣ ـ ١٤ ، ٢٣ ـ ٢٤.