هروب موسى من مصر كان بسبب استيلاء تحوتمس الثالث على العرش ، لكان على موسى ألا يعود إلى مصر إلا بعد وفاة تحوتمس الثالث ، خاصة وأن التوراة تشير إلى أن عودة موسى إلى مصر كانت مرتبطة بوفاة من كان يطالبه بالقصاص (١) ، هذا فضلا عن أن تدمير أريحا إن كان في عام ١٤٠٧ أو عام ١٤٠٠ ق. م ، فهذا يعني أنه حدث في أخريات ، عهد تحوتمس الرابع ، أو أوائل عهد أمنحتب الثالث ، وفي كلا العهدين كانت مصر ، دون شك ، ما تزال تحتفظ بامبراطوريتها الواسعة في آسيا الغربية ، بل إن تحوتمس الرابع إنما يعتبر واحدا من الفراعين العظام ، وأنه قام بواجبه تماما في الحفاظ على الامبراطورية المصرية هذا فضلا عن أن أمنحتب الثالث كان ، على الأقل ، في النصف الأول من حكمه كبير ملوك الشرق الأدنى دون منازع.
ولعل سؤال البداهة الآن : كيف استطاع بنو إسرائيل دخول كنعان ، وهي ولاية مصرية ، ثم تدمير أريحا وعاي وبيت أيل وغيرها من فلسطين ، دون أن يحرك الفرعون ساكنا؟ في الحقيقة إن هذا أمرا لا يمكن قبوله بسهولة ، ما لم تعضده أدلة قوية ، وهذا ما لم يثبت حتى الآن ، فضلا عن أنه أمر تحيط به عوامل الشك والريبة من كل جانب ، ومن ثم ، فإنني أتردد كثيرا في الأخذ بهذا الرأي.
ومنها (ثالث عشر) أن بعثة «جامعة ستراسبرج» كشفت عام ١٩٦٥ م عن نص في معبد أمنحتب الثالث في «صولب» في التوبة السودانية ، وفيه ذكر لقبائل من بدو الصحراء ، ومنهم قبيلة «يهوه» في عصر أمنحتب الثالث (٢) ، ولعلنا نستنتج من هذا أن قبيلة يهوه البدوية كانت عصر أمنحتب الثالث (١٤٠٥ ـ ١٣٦٧ ق. م) ما تزال في مصر ، وإن كنا على غير يقين من أن اسم
__________________
(١) خروج ٢ / ٢٣ ـ ٢٥ ، ٤ / ١٩.
(٢) مراد كامل : الكتب التاريخية في العهد القديم ـ القاهرة ١٩٦٨ ص ١٩.