هذا ويقدم لنا «فرويد» بعض المقابلات بين الديانتين ، لعل من أهمها (أولا) أن صيغة إعلان الإيمان (الشهادة اليهودية) إنما تنطق على الوجه التالي «شمع يسرائيل أدوناي إلو هينو أدوناي أحاد» وترجمته إلى اللغة العربية كالتالي «اسمع يا إسرائيل ، الرب إلهنا إله واحد» ، فإذا لم يكن بالصدفة هذا التشابه في اللفظين بين «أتون» المصري ، و «أدوناي» العبري و «أدونيس» السوري ، وإذا كان هذا التشابه بالعكس نتيجة تماثل في الأصل من حيث اللفظ والمعنى ، أمكن أن نترجم الجملة العبرية هكذا «اسمع يا إسرائيل آتون إلهنا إله واحد» ، ومنها (ثانيا) أنه من السهل أن نبيّن أوجه الشبه والخلاف بين الديانتين ، فكلاهما مظهر لوحدانية مطلقة دقيقة (١) ، ويميل «فرويد» أن يرد ، من أول وهلة ، لهذا الطابع الأساسي فيهما كل نقاط التشابه القائمة بينهما ، ومنها (ثالثا) أن الدين اليهودي ، كما قدمته لنا توراة اليهود المتداولة اليوم ، كان يجهل الآخرة والحياة بعد الموت ، وهي معتقدات لا تتعارض مع الوحدانية مهما بلغت من الشدة ، والأمر كذلك بالنسبة لديانة إخناتون ، وهذا التوافق بين اليهودية والآتونية في هذه النقطة ، إنما يعتبر أول حجة جديدة ، إلى جانب مصرية موسى ، وإن كانت ليست بالحجة الوحيدة (٢).
ومنها (رابعا) أن موسى عليهالسلام لم يعط اليهود دينا جديدا فحسب ، وإنما فرض عليهم الختان كذلك ، ورغم أن التوراة ترجعه إلى عصر الآباء
__________________
ـ ابنا لله ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، قال تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ، ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (التوبة : آية ٣٠)
(١) أنظر عن الوحدانية في الآتونية واليهودية (محمد بيومي مهران : إخناتون ص ٤٦٢ ـ ٤٧٧ ، إسرائيل ٤ / ٨٣ ـ ١٢١).
(٢) ٢٩ ـ ٢٧. S.Freud ,op ـ cit ,P.