وإخناتون يصف إلهه بأنه «الإله الذي لا إله إلا هو» ، ثم التأكيد بعد ذلك في التعاليم الآتونية ، والضغط المستمر على «الإله الواحد ، والخالق لكل شيء» ، فآتون ، كيهوه ، هو الإله الخالق لكل من يأتي إلى هذه الحياة وما يأتي إليها (١).
وأيا ما كان الأمر ، فهناك من الأسباب ما يجعلنا نرفض وجهة نظر «فرويد» هذه ، منها (أولا) أن هذه النظرية تحتاج إلى دراسة جادة عميقة متأنية للديانتين ، الموسوية والآتونية ، وهذا أمر في منتهى الصعوبة ، إن لم يكن محالا ، وقد تنبه فرويد نفسه إلى ذلك فنحن حتى الآن لا نستطيع القول بأننا نملك ، على وجه اليقين ، الصورة الصحيحة للآتونية أو الموسوية ، فالأولى قد أضاع حقد كهان آمون أكثر الكثير من نصوصها ، والثانية لعبت فيها أيدي اليهود بما شاءت لهم أهواؤهم ، كما أن معلوماتنا الحالية عنها إنما ترجع إلى نصوص كتب بعد الأسر البابلي أو أثناه (٥٨٦ ـ ٥٣٩ ق. م) ، وموسى عليهالسلام عاش في القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، إن لم يكن في القرن السادس عشر قبل الميلاد ، كما رأينا من قبل ، والفرق بين نزول الرسالة على موسى وبين تدوينها ، فرق كبير ، يصل إلى ثمانية قرون على رأي ، وقد يصل إلى أحد عشر قرنا أو حتى عشرة قرون فيما يرى آخرون ، ومنها (ثانيا) أنا لا نعرف عن إخناتون غير أنه الملك الذي جلس على عرش الكنانة في الفترة (١٣٦٧ ـ ١٣٥٠ ق. م) ، وأنه نادى بعبادة الإله الواحد الأحد ومن ثم فقد أغلقت معابد الآلهة في كل أنحاء الإمبراطورية المصرية ، وصودرت ممتلكاتها وعطلت شعائرها ، مما أثار عليه تجار الدين من كهنة آمون وغيرهم ، ومن ثم فقد هاجر من طيبة إلى بقعة عذراء لم تشهد عبادة إله آخر من قبل ، فأقام عليها مدينته الجديدة «آخت آتون» (العمارنة) (٢) ، وبقي
__________________
(١) ١٦ ـ ١٥.p ، ١٩٦٣. w. F. Albright, The Biblical Period, From Abraham to Ezra, N. Y,
(٢) العمارنة ، وتقع على مبعدة ١٩٠ ميلا جنوبي القاهرة ، ٢٦٠ ميلا شمالي الأقصر ، فيما بين ـ