هناك حينا من جدهر ، يتعبد إلى ربه ويزعم مجالس الدعوة إليه ، وأخيرا تجمعت قوى الشر ضده حتى انتهى أمره ، فصب كهان آمون كل حقدهم عليه وعلى دعوته واصطلموا أتباعه ، ونصّبوا من بعده على العرش صبيّا لما ييّفع ، فمكن لهم وأطلق أيديهم ، فأبادوا ديانة آتون ، وأعادوا ديانة آمون (١).
ولعل سؤال البداهة الآن : ما صلة كل هذا بأستاذية إخناتون لموسى عليهالسلام؟ وهل كانت دعوة إخناتون إرهاصا لدعوة موسى عليهالسلام؟ أو هي تمهيد لدعوة التوحيد بين قوم ألفوا تعدد الآلهة ، دون أن يجدوا في ذلك أمرا إدّا؟ أم أن إخناتون نبي ، كما يرى بعض الباحثين؟
إن الإجابة على واحدة من هذه الأسئلة ، لا يستطيع صاحب هذا الكتاب أن يتحمل مسئوليتها أمام الله تعالى ، أو قل : لا يستطيع أن يتحمل وزر الخطأ فيها رجل صحب القرآن الكريم ، وهو لما يعدو السادسة من عمره ، وما يزال وسيظل ، إن شاء الله في صحبته الكريمة ما دام حيا يرزق في هذه الدنيا ، حيث الصحبة الأبدية ، إن شاء الله ، في عالم الآخرة ، ذلك لأننا نحن المسلمين ملتزمين بما جاء في محكم التنزيل عن الأنبياء عليهمالسلام ، وليس إخناتون ، بالتأكيد ، واحدا ممن جاء ذكرهم في القرآن الكريم ، وفي نفس الوقت نحن نعلم كمسلمين ، أن موسى عليهالسلام ، نبي
__________________
ـ ملوي وديروط ، في مقابل دير مواس عبر النهر ، وكانت تمتد على مسافة تقرب من الميل شمالي قرية التل ، وحتى الحوطة شرقي النهر ، وتمثل العمارنة (أخيتاتون) في الوقت الحاضر ، قرى بني عمران والحاج قنديل والعمارنة والحوطة ، ثم الخرائب القليلة التي تقع على طول المدينة القديمة ومن ورائها المقابر ، وتحمل «أخيتاتون» اسم مليكها لأن المقطعين آخت وأخن مشتقان من نفس الجزع ، على حين ألحقت كلمة أتون بكل من اسم الملك وعاصمته.
(١) أنظر عن النكسة التي أصابت دعوة إخناتون وعودة الوثنية (محمد بيومي مهران : إخناتون ص ٣٨٣ ـ ٤٢١).