(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (١) وقوله تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (٢) ، وقوله تعالى : (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ، قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى) (٣) ، وأخيرا ادعاؤه الألوهية ، كما جاء ذلك في كثير من آي الذكر الحكيم (٤) ، كل هذا وغيره إنما يتناقض وما نعرفه تاريخيا عن «توت عنخ آمون» ، ذلك الطفل الذي ولي العرش صبيا في التاسعة ، وربما الثامنة من عمره ، بتدبير من كهان آمون ، فمكّن لهم وأطلق أيديهم في شئون الدين والدنيا ، ولم يعمر على عرش الفراعين سوى عقد من الزمان ، ثم ذهب غير مأسوف عليه ، وإن كانت الأقدار قد حققت لذلك النكرة بين الفراعين أمجادا كان أولى بها غيره من الفرعين العظام ، وسبحان علام الغيوب الذي أضاع آثار كبار الفراعين ، من أمثال تحوتمس الثالث ورعمسيس الثاني ، وأبقى للدنيا آثار نكرة ، ما كان لها في تاريخ مصر دور يعتد به ، حتى بين المعاصرين لها ، وذلك بسبب الكشف المثير الذي قام به ، «هوارد كارتر» في الرابع من نوفمبر عام ١٩٢٢ م (١٣٤٢ ه) في طيبة الغربية ، حيث عثر على مقبرته بكل ما فيها (٥).
ومنها (رابعا) أن هذه النظرية لا يمكن أن تكون مقبولة أصلا ، إلا إذا كان موسى عليهالسلام يعيش فعلا على أيام إخناتون ، وأنه ، كما يقول جون
__________________
(١) سورة الزخرف : آية ٥٤.
(٢) سورة القصص : آية ٤.
(٣) سورة طه : آية ٤٣ ـ ٤٥.
(٤) سورة الشعراء : آية ٢٩ ، القصص : آية ٣٨ ، النازعات : آية ٢٢ ـ ٢٦.
(٥) أنظر : Howard Carter, The Tomb of Tut ـ Ankh ـ Amen, ٣ Vols, London,
١٩٣٣ ـ ١٩٢٣.