روته التوراة ، ورعمسيس الثاني حي يرزق ، بل وما يزال يجلس على عرش الكنانة ، ولمدة تقارب ثلاثة أرباع القرن (١٢٩٠ ـ ١٢٢٤ ق. م) دون أن ينجح في القضاء على هؤلاء البدو الرحل ، وهو الذي كتب له أن يهزم أكبر قوة في عصره ، بعد مصر ، وهي قوة الحيثيين ، ثم يصبح بعد ذلك سيد الشرق كله ، وهل من المنطق أن نتصور أنه لم يلتق بهم في حملة السنة الرابعة أو الخامسة أو الثامنة ، أو حتى في حملة عامه الحادي والعشرين ، ثم كيف استطاع أن يخضع كل فلسطين ، ويحارب الحيثيين في شمال سورية ، وبنو إسرائيل يعبثون في فلسطين فسادا وينشرون في ربوعها الخراب والدمار ، بل ويستولون على مدنها الواحدة تلو الأخرى ، كما يحلو لمن كتبوا التوراة ، أن يصفوا عمالهم ، بعد دخولهم فلسطين ، بقيادة يشوع بن نون (١) ، كل هذه أسئلة لا نجد لها جوابا يتفق وخروج بني إسرائيل من مصر ، بعد موت إخناتون بسنوات ثمان ، أي في عام ١٣٤٢ ق. م ، طبقا لنظرية «فرويد» هذه.
ومن هنا ، فإننا نرى «فرويد» نفسه ، يتردد في قبول نظريته هذه ، ثم يفترض أن موسى عليهالسلام ، ربما عاش في عصر لاحق لإخناتون (وبهذا يهدم نظريته كلها من أساس) وأن هذا سوف يتأخر بتاريخ الخروج بعض الوقت ، ويجعله إلى الزمن المفترض أكثر قربا ، أي إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، وإن كان يعود ثانية ليفضل الخروج في أعقاب موت إخناتون (٢).
وأخيرا (خامسا) فليس لهذه النظرية من أساس من الآثار والتاريخ
__________________
(١) أنظر : سفر يشوع ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ٢ / ٦٠١ ـ ٦٢٢ (الإسكندرية ١٩٧٨) ، ف. ب. ماير : يشوع وأرض الموعد ـ ترجمة مرقس داود ـ القاهرة ١٩٤٩. وكذا J. Garstang, Joshua, Judges, The Foundations of Bible History, ١٩٣١.
(٢) ٣٦ ـ ٣٥.S.Freud ,op ـ cit ,P.