(أولا) أنها تجعل من رعمسيس الثاني فرعونا للتسخير وللخروج في آن واحد ، وهذا يتعارض مع بعض نصوص التوراة ، التي تفرق بينهما (١) ، هذا وقد أشرنا من قبل ، إلى تحريض الملأ من قوم فرعون على أن يقوم فرعون ، بعد إيمان السحرة بدعوة موسى ، وفضيحة فرعون أمام موسى بين الناس ، بمذبحة جديدة بين بني إسرائيل ، وإلى هذا أشار القرآن الكريم في قوله تعالى : (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ، قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) (٢) ، وقال تعالى : (قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ ، وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) (٣) ، ونحن نعرف أن بني إسرائيل قد عانوا من قبل ، من إبان مولد موسى مثل التنكيل الوحشي من فرعون وملئه ، كما يقول تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (٤) ، ومن ثم فهناك ، فيما يرى صاحب الظلال ، أحد احتمالين ، أولهما : أن فرعون الذي أصدر ذلك الأمر الأخير ، كان قد مات وخلفه ابنه وولي عهده ، ولم يكن الأمر منفذا في العهد الجديد ، حتى جاء موسى وواجه الفرعون الجديد ، الذي كان يعرفه وهو ولي العهد ، ويعرف قصته ، والاحتمال الثاني أن فرعون الذي تبنى موسى ما يزال على عرشه ، ولكنه تراخى أو وقف ذبح الأبناء واستحياء النساء ، فالحاشية تشير بتجديده ، وتخص به الذين آمنوا مع موسى وحدهم للإرهاب
__________________
(١) خروج ٢ / ٢٣ ـ ٢٥ ، ٤ / ١٩.
(٢) سورة الأعراف : آية ١٢٧.
(٣) سورة غافر : آية ٢٥ ـ ٢٦.
(٤) سورة القصص : آية ٤.