ومنها (رابعا) أن اكتشاف جثة مرنبتاح في طيبة الغربية ، وتناقض ذلك مع التقاليد العبرية التي ترى أن الفرعون غرق في البحر الأحمر ، إنما تلك وجهة نظر التوراة ، كما جاءت في سفر الخروج (١) ، ولكننا نحن المسلمين لدينا ما يناقض ذلك تماما ، فلقد أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم أن الفرعون قد أنجى ببدنه بعد غرقه ، ليكون آية لمن خلفه ، كما أشرنا إلى ذلك من قبل بالتفصيل ، وصدق الله العظيم ، حيث يقول : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ، وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) (٢) ، ومن ثم فإن وجود جثة مرنبتاح بين جثث الفراعين لا تحل المشكلة ، كما أنها لا تعقدها كذلك ، هذا فضلا عن أن كل الفراعين الذين دارت حولهم روايات تاريخ الخروج ، وأيهم فرعون موسى ، من أمثال أحمس الأول وتحوتمس الثالث وأمنحتب الثاني وتوت عنخ آمون ورعمسيس الثاني ومرنبتاح وسيتي الثاني ، قد اكتشفت جثثهم (٣) ، وفي هذا إعجاز للقرآن ما بعده إعجاز.
ومنها (خامسا) أن نص التوراة (ملوك أول ٦) والذي يتحدث عن إقامة سليمان عليهالسلام ، لهيكله بعد خروج بني إسرائيل من مصر بمدة ٤٨٠ سنة ، والذي اعتبره بعض العلماء المادة الأساسية في المشكلة (٤) ، فقد ناقشناه من قبل ، وتبيّن لنا مدى الصعوبات التي تقف عائقا في وجه قبولنا إياه ، فضلا عن أن هذا الرأي الذي يرجح الخروج في عهد مرنبتاح ، إنما يعتمد كذلك على نص توراتي آخر (خروج ١) والذي يتحدث عن
__________________
(١) خروج ١٤ / ٢٦ ـ ٣١ ، ١٥ / ١ ـ ٢١.
(٢) سورة يونس : آية ٩٢ ، وانظر : تفسير الطبري ١٥ / ١٩٤ ـ ١٩٨ ، تفسير القرطبي ص ٣٢١٨ ـ ٣٢٢٠ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٣٢٦ ـ ٣٢٩ ، تفسير المنار ١١ / ٣٨٧ ـ ٣٩٠.
(٣) أنظر : سليم حسن : مصر القديمة ٤ / ٢١٧ ، ٥٠١ ، ٦٩٢ ـ ٦٩٣ ، ٦ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩ ، ٨ / ٦٧٣ ـ ٦٩٨ ، أحمد فخري : مصر الفرعونية ص ٣٩٠ ـ ٣٩٢ ألن جاردنر : مصر الفراعنة ص ٣٥٠ ـ ٣٥١ ، وكذاC.D.Noblecourt ,op ـ cit ,P.F ٢١٥ ، ١٧٣.
(٤) ١٤١.p ، ١٩٥٤. M. F. Unger, Archaeology andThe old Testament, Michigan,