المؤرخون في مكانها ، ولعل أرجحها ما ذهب إليه «بتري» (١) من أنها كانت في مكان بين الضهرية (١١ كيلا من كوم حمادة) وبين النجيلية (١٥ كيلا من كوم حمادة) بمحافظة البحيرة ، وعلى أي حال ، فأكبر الظن ، أنه في هذه الأوقات العصيبة بدأ تفكير الإسرائيليين في الهروب من مصر ، دون إذن من الفرعون الذي رفض السماح لهم بالخروج مرارا ، بل إن «جان يويوت» يرى أن الهروب إنما تم أثناء الزحف الليبي نفسه (٢) ، ولعل هذا يفسر قول التوراة على لسان فرعون «فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض» (٣) ، على أن ما جاء في القرآن الكريم إنما يفيد أن الخروج لم يكن بتدبير من بني إسرائيل ، وإنما كان بأمر من الله لموسى ، وكان ليلا ، وذلك حين أحس موسى عليهالسلام أن القوم لن يؤمنوا له ، ولن يستجيبوا لدعوته ، ولن يسالموه أو يعتزلوه (فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) ، وأجابه ربه الكريم (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) ، والسري لا يكون إلا ليلا ، فالنص عليه يعيد تصوير مشهد السري بعباد الله ، وهم بنو إسرائيل ، ثم للإيحاء بجو الخفية ، لأن سراهم كان خفية عن عيون فرعون ومن وراء علمه (٤) ، فإذا كانت هناك علاقة بين سري بني إسرائيل ليلا بين الحرب الليبية ، فلا بد أن تكون في أعقابها بفترة ما ، وليس أثناءها ، لأن الفرعون سرعان ما لحق بالقوم قبل أن يعبروا البحر ، فأتبعهم بجنوده ، حيث غرقوا جميعا ، ونجا موسى ومن معه ، هذا فضلا عن هذه الحرب كانت في السنة الخامسة ، ومن المعروف أن فرعون غرق في البحر أثناء مطاردته لبني إسرائيل ، ومن ثم فإن الخروج يجب أن يكون في السنة
__________________
(١) ١٠٩.p ، ١٩٢٧.W.M.F.Petrie ,A History of Egypt ,III ,London ,
(٢) جان يويوت : مصر الفرعونية ـ القاهرة ١٩٦٦ ص ١٤٠ (مترجم).
(٣) خروج ١ / ١٠.
(٤) سورة الدخان : آية ٢٢ ـ ٢٣ ، وانظر : سورة طه : آية ٧٧ ، الشعراء : آية ٥٢ ، في ظلال القرآن ٥ / ٣٢١٣.