المصرية ، لما وجدنا صعوبة كبيرة في تقريب «إيسة» (أو إيسي أو حتى است) إلى آسية (أو آسيا) ، مع مراعاة اختلاف قراءة أسماء الأعلام في اللغتين العربية والمصرية القديمة ، وهكذا نستطيع القول إن الفرعون الذي التقطت امرأته موسى عليهالسلام ، هو رعمسيس الثاني ، وهو فرعون التسخير ، وأن الفرعون الذي جابهه موسى هو «مرنبتاح» ، ولعل مرنبتاح نفسه هو الذي ذكر موسى بتربيتهم له ، وتنشئتهم إياه على فراشهم ، ثم قتله واحدا من رعاياهم وهروبه إلى مدين ، ثم إذا به يعود آخر الأمر فيدعوهم إلى إطلاق سراح بني إسرائيل ، وإلى هذا يشير القرآن الكريم ، في قوله تعالى : (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ، وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ، وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ ، قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ، فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (١).
وهكذا يبدو لي ، بعد كل الحجج التي قدمناها ، أن الرأي الذي يجعل خروج بني إسرائيل في عهد مرنبتاح ، وبالتالي فهو فرعون موسى ، إنما هو أقرب الآراء إلى الصواب ، وهو الرأي الذي نميل إليه ونرجحه ، على أن يكون الخروج في العام الأخير من حكم مرنبتاح ، وليس في العام الخامس كما هو المفترض ، سواء أكان هذا العام الأخير ، هو العام العاشر (عام ١٢١٤ ق. م) كما ترى جمهرة المؤرخين ، أم كان ذلك العام هو العام الثامن (عام ١٢١٦ ق. م) فيما يرى البعض ، وأما سبب تحديدنا للعام الأخير من حكم مرنبتاح للخروج ، فهو أن التوراة (٢) والقرآن العظيم (٣) يرويان أن الفرعون
__________________
(١) سورة الشعراء : آية ١٨ ـ ٢٢.
(٢) خروج ١٤ / ٢٦ ـ ٣١ ، ١٥ / ١ ـ ٥ ، الرسالة إلى العبرانيين ٥ / ٢٩.
(٣) أنظر : سورة البقرة : آية ٥٠ ، الأعراف : آية ١٣٦ ، يونس : آية ٩٠ ـ ٩٢ ، طه : آية ٧٨ ، الشعراء : آية ٦٣ ـ ٦٦ وغيرها.