قد غرق في البحر عند محاولته اللحاق بموسى وبني إسرائيل ، وإن أضاف القرآن الكريم أن جثة الفرعون قد انتشلت لتكون آية لمن خلفه ، قال تعالى : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) (١) ، ولم تكن الآية لمن خلفه جيلا أو جيلين ، بل بقيت آية للعشرات الكثيرة من الأجيال ، والمئات الكثيرة من السنين ، وهي إنما صارت كذلك بما مكّن رب العرش لأهل هذا المصر من سلطان العلم وأسرار التحنيط (٢).
وهكذا نستطيع ، عن طريق تحديدنا للخروج بالعام الأخير من حكم مرنبتاح ، أن نوفق إلى حد كبير ، بين أحداث التاريخ القديم ، وبين ما جاء عن هذه الأحداث في التوراة والقرآن العظيم ، فضلا عن إيجاد تفسير مقبول لتسجيل انتصار مرنبتاح على لوحة ليست له ، وإنما لسلفه البعيد «أمنحتب الثالث» ، وذلك بسبب موته المفاجئ ، وأما أن اللوحة قد حددت حادث الخروج بالعام الخامس من حكم مرنبتاح ، فذلك يتناقض تماما مع ما جاء في التوراة والقرآن العظيم عنه ، إذ أن ذلك يعني أن الفرعون قد بقي على قيد الحياة بعد خروج بني إسرائيل من مصر (٣) ، هذا فضلا عن أن حملته على سورية ، والتي ذكرت في اللوح ، إنما كانت في العام الثالث ، وأما تحديد العام الخامس بالذات تاريخا للنص ، فربما كان يهدف من كتبه (بعد غرق الفرعون) تخليد ذكرى انتصاره على الليبيين وحلفائهم من القهق
__________________
(١) سورة يونس : آية ٩٢.
(٢) أحمد عبد الحميد يوسف : المرجع السابق ص ١٢٣.
(٣) ذهب الدكتور سليم حسن إلى أن الفرعون لم يمت ، إذ أنه لا يتصور أن يغرق وعربته ومن معه في ضحضاح لا يزيد عمقه عن قدمين أو ثلاث ، ويرى أن خيل الفرعون وعرباته قد ساخت في الأوحال فسقط مغشيا عليه ، وأن ما جاء في القرآن عن الحادث لا يشعر بأن الفرعون قد غرق ومات (مصر القديمة ٧ / ١٣٥) ، وهذا الإتجاه ، فوق مخالفته لكل آراء المفسرين ، فهو تعسف في تفسير النصوص المقدسة ، وخطأ في الاستنتاج.