القديمة ، والتي تمتاز عن غيرها من مصادر الشرق الأدنى القديم ، بوضوحها وكثرة آثارها ، كان من المنتظر أن تمدنا هذه المصادر بمعلومات عن قصة بني إسرائيل في مصر ، منذ عهد يوسف وحتى عهد موسى ، عليهماالسلام ، غير أن هذه المصادر ، كما هو معروف ، إنما كتبت بأمر من الملوك ، أو بوحي منهم ، أو على الأقل برضى منهم ، فإذا ما تذكرنا أن الملك كان في العقيدة المصرية القديمة ، كما أثبتت النصوص وألمع القرآن الكريم (١) ، يزعم أنه إله أكثر منه بشرا ، ومن ثم فقد كان من الطبيعي ألا يستسيغ المصريون أن يهزم الملك في حرب خاض غمارها ، ولهذا فإن النصر كان أن يكون حليفه ، وقد تكون الحقيقة غير ذلك (٢).
ومن المعروف أن قصة خروج بني إسرائيل من مصر ، بقيادة موسى عليهالسلام ، كما جاءت في التوراة والإنجيل والقرآن العظيم ، إنما انتهت بغرق الفرعون وجنوده في البحر ، ونجاة موسى ومن آمن معه بالله الواحد القهار ، ومن ثم فليس من المقبول ، طبقا للعقيدة المصرية القديمة ، أن تسجل نصوص الفراعين ، غرق الإله الفرعون ، ونجاة عبيده العبرانيين ، ومن هنا كان من الصعب العثور على آثار تتحدث عن موسى وقومه ، رغم ضخامة التركة الأثرية التي خلفتها لنا مصر الفرعونية ، وإن كان هذا لا يقطع الأمل في العثور على تلك الآثار ، التي ربما سجلت بطريقة أو بأخرى عن طريق المعارضين لفرعون ، المؤمنين برب موسى وهارون ، والله وحده يعلم الغيب من الأمر.
__________________
(١) أنظر : سورة الشعراء : آية ٢٩ ، سورة القصص : آية ٣٨ ، سورة النازعات : آية ٢٢ ـ ٢٤.
(٢) محمد بيومي مهران : الثورة الاجتماعية الأولى في مصر الفرعونية ص ٣.