أَنْظُرْ إِلَيْكَ) يعني مكّني من رؤيتك بأن تتجلى لي حين أراك ، وهو دليل لأهل السنة على جواز الرؤية ، فإن موسى عليهالسلام اعتقد أن الله تعالى يرى حتى سأله ، واعتقاد جواز ما لا يجوز على الله كفر ، (قالَ لَنْ تَرانِي) بالعين الفانية ، بل بالعطاء والنوال بعي باقية ، وهو دليل لنا أيضا ، لأنه لم يقل «لن أرى» ليكون نفيا للجواز ، ولو لم يكن مرئيا لأخبر بأنه ليس بمرئي ، إذا الحالة حالة الحاجة إلى البيان ، ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني» ، وهو دليل لنا أيضا ، لأنه على الرؤية باستقرار الجبل ، وهو ممكن ، وتعليق الشيء بما هو ممكن يدل على إمكانه ، كالتعليق بالممتنع يدل على امتناعه ، والدليل على أنه ممكن قوله : (جَعَلَهُ دَكًّا) ، ولم يقل اندك ، وما أوجده تعالى كان جائز أن لا يوجد ، لو لم يوجده ، لأنه مختار من فعله ، ولأنه تعالى ما آيسه عن ذلك ولا عاتبه عليه ، ولو كان ذلك محالا لعاتبه ، كما عاتب نوحا عليهالسلام بقوله : «إني أعظك أن تكون من الجاهلين» ، حين سأله إنجاء ابنه من الغرق (١).
__________________
(١) تفسير النسفي ١ / ٤٩ ، ٢ / ٧٥ ، تفسير الطبري ١ / ٢٨٩ ـ ٢٩٣ ، تاريخ الطبري ١ / ٤٢٨ ، ابن كثير : مختصر التفسير ١ / ٦٥ ـ ٦٦ ، ٢ / ٤٨ ـ ٤٩ ، البداية والنهاية ١ / ٢٨٣ ـ ٢٨٦ ، ٢٨٩ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٠٨ ـ ١٠٩ ، صفوة التفاسير ١ / ٥٩ ـ ٦٠ ، ٤٦٩.