إسرائيل ظهروا إلى الوجود أولا ، ثم ادعوا ملكية أرض كانت لغيرهم ، ولا حق لهم فيها (١).
ولعل سائلا يتساءل : لم وقع اختيار بني إسرائيل على فلسطين لتكون وطنا لهم؟ ولعل الإجابة إنما تكمن في الأسباب التالية ، والتي منها (أولا) أن العبرانيين قد اعتادوا العيش في أرض مصر الغنية ، ومن ثم فهم لا يستطيعون البقاء في الصحراء ، ولا بدلهم من الاندفاع تجاه وطن أفضل من هذه الصحراوات القاحلة في شبه جزيرة سيناء ، وما داموا لن يستطيعوا العودة إلى أرض مصر الغنية ، فليس أمامهم سوى كنعان ، ومن المعروف أن العبرانيين ، مهما قيل عن أسلافهم وأصلهم التاريخي ، فقد كانوا قبائل رحلا ، ولما كانوا رحلا في الشرق الأدنى ، فقد عاشوا ، لا في السهول الخضراء التي لا تنتهي ، وإنما في رقعة بين البادية وبين الزرع ، بين أخصب البقاع وبين نفي الحياة العام ، ذلك لأنه في هذه البقعة العجيبة من العالم ، إنما يتجاور الخصب والبوار ، ومن ثم فلا بد أنهم قد اختبروا رفاه الحياة وعنتها في كلا الحالين ، وقد تاق العبرانيون إلى الاستقرار في السهول الممرعة ، ولكنهم كانوا يحملون بأرض تفيض غلالا ، كالتي تخيلها المصريون لآخرتهم (٢)
ومنها (ثانيا) ذلك السبب التقليدي ، إذ كانت هذه القبائل الرحل ، ولعدة أجيال متتالية ، ترنوا بناظريها إلى «أرض الميعاد» (٣) ، حيث كان الأجداد يعيشون قبل رحيلهم إلى مصر (٤) ، ومنها (ثالثا) أن بني إسرائيل حين
__________________
(١) عبد الحميد زائد : الشرق الخالد ، القاهرة ١٩٦٦ ص ٣٧٩.
(٢) ٢٤٦.p ، ١٩٤٩. H.Frankfort and others ,Before Philosophy ,
(٣) أنظر : محمد بيومي مهران : قصة أرض الميعاد بين الحقيقة والأسطورة ـ مجلة الأسطول ـ العدد ٦٦ ، ٦٧ ، الاسكندرية ١٩٧٠.
(٤) ٤٠٩.H.R.Hall ,op ـ cit ,P.