لأن كرامة الله مرتبطة بكرامة الأمة ، ومن ثم فإن حمايتهم إنما هي حماية لكرامته ، وإذا حدث أن سقطت الأمة ، فمعنى هذا في نظرهم أن الله نفسه قد سقط (١) ، والعياذ بالله ، ومن هنا كان عليه أن يكرس كل قوته وسلطانه من جل شعبه إسرائيل ، وهو لذلك يحارب إلى جانبهم أو يحارب بدلا عنهم أو يطرد من أمامهم أعداءهم ، وييسر لهم قتلهم ، ويحل لهم نهبهم (٢).
وأيا ما كان الأمر ، فإن الملك الآدومي عند ما رفض أن يسمح للإسرائيليين بأن يمروا في مملكته ، فإنهم اضطروا إلى أن يسلكوا طريقا شاقا في البرية ، ونقرأ في التوراة أنهم قد ارتحلوا «من جبل هور في طريق بحر سوف (٣) ، ليدوروا بأرض أدوم (٤)» ، وهنا يضطر بنو إسرائيل إلى أن يتجولوا هنا وهناك من شرق الأردن ، دون أن يستطيعوا العبور إلى غرب هذا الأردن ، محتكين بكل القبائل الساكنة هناك ، والرافضة أبدا استقبال أي واحد من بني إسرائيل ، وأخيرا وصل الإسرائيليون إلى «مؤاب» شمال أدوم ، وذلك حين «نزلوا في عين عباريم (٥) في البرية التي قبالة مؤاب إلى شروق
__________________
(١) القس عاموس عبد المسيح : دراسة في عاموس ـ ترجمة حارث قريصة ـ القاهرة ١٩٦٦ ص ١٨.
(٢) عبده الراجحي : المرجع السابق ص ٤٧ ، تثنية ٩ / ٣.
(٣) بحر سوف : لعل هذا النص (عدد ٢١ / ٤) إنما يعني خليج العقبة ، وليس البحر الذي انفلق لموسى في مصر ، والذي ذكر على أنه يم سوف أو بحر سوف (خروج ١٣ / ١٧ ـ ١٨) خاصة وإن نص الملوك الأول (٩ / ٢٦) يقول : «وعمل الملك سليمان سفنا من عصيون جابر التي بجانب إيلة على شاطئ بحر سوف في أرض أدوم» ، مما يؤكد أن بحر سوف في نصي (عدد ٢١ / ٤ ، ملوك أول ٩ / ٢٦) هو خليج العقبة.
(٤) عدد ٢١ / ٤.
(٥) عباريم : سلسلة جبال في شرق الأردن سميت عباريم لأنها في عبر النهر ، وتمتد من وادي قفرين في الشمال إلى وادي الزرقاء ووادي الحسا في الجنوب ، ولها عدة قمم منها «نبو» (حيث دفن موسى عليهالسلام) وهوشع وعجلون.