ماء بئر ، لا نميل يمينا ولا يسارا ، حتى نتجاوز تخومك» ، ولكن الملك الآدومي لا يجيب سؤلهم ، ومن ثم يجد الإسرائيليون أنه لا مناص من الذهاب إلى جبل هور ، حيث يموت هارون هناك (١) ، وهذا يدل على أنه كانت هناك مملكة قوية في أدوم في ذلك الوقت ، وأن الأرض إنما كانت تعبر من «طريق الملك العمومي» ، كما يدل على أن هناك حضارة مزدهرة كانت في أدوم في تلك الفترة (٢).
وعلى أية حال ، فإن ملك «عراد» (٣) الكنعاني عند ما يسمع بقدوم الإسرائيليين ، سرعان ما يشن عليهم حربا ، ويسبي الكثير منهم ، ومن ثم «فقد نذر إسرائيل نذرا للرب وقال إن دفعت هؤلاء القوم إلى يدي أحرم مدنهم ، فسمع الرب لقول إسرائيل ودفع الكنعانيين فحرموهم ، ومدنهم ، فدعي اسم المكان حرمة» (٤) ، وفي الواقع أننا لم نسمع من قبل أن ينذر الناس لربهم إحراق أعدائهم ، فضلا عن مدنهم ، إن كتب الله لهم عليهم نصرا ، ولكن ما حيلتنا وتوراة اليهود لا تصور رب اليهود هذا ، إلا قاسيا مدمرا ، متعطشا للدماء ، متعصبا لشعبه ، لأنه إله اليهود فحسب ، وليس إله العالمين ، ومن ثم فقد دعوا «الله» رب الجنود ، معتقدين بأن هذا معناه رب جنود إسرائيل ، مما جعلهم يعتقدون كذلك بأن الله ملزم بأن يحامي عنهم ،
__________________
ـ الإسرائيلية واستيلاء داود على مملكة أدوم ، وقد انتهت حياة الآدوميين ككيان سياسي مستقل حين استولى يوحنا المكابي على مدنهم ثم أجبرهم على الختان واعتناق اليهودية في القرن الثاني قبل الميلاد ، رغبة منه في إزالة الفوارق الدينية بينهم وبين اليهود (أنظر التفصيلات والمراجع : محمد بيومي مهران : إسرائيل ٢ / ٥٤٧ ـ ٥٥٢).
(١) عدد ٢٠ / ٢٢ ـ ٢٩.
(٢) ١٥٢.p ، ١٩٦٩. J. Finegan, Light from the Ancient Past ..., Prinection,
(٣) عراد : اسم عبري بمعنى «حمار الوحش» وهي هنا بلد يقع على مبعدة ١٧ ميلا من حبرون (الخليل).
(٤) عدد ٢١ / ١ ـ ٣.