إسرائيليا ، وإنما كان مصريا ، وبدهي أن شكي هذا لا يتصل بحال من الأحوال بقيمة موسى عليهالسلام من الناحية الدينية أو التاريخية ، ذلك لأن هذه القيمة لم تأت من كونه إسرائيليا ، وإنما لأنه كليم الله ورسوله الكريم ، ولأنه أحد أولي العزم الخمسة من الرسل ، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وتلك أمور لا تتغير بتغير جنسه ومن ثم فلا يؤثر في مكانة النبي الكريم ، سيدنا موسى عليهالسلام ، أن يكون مصريا أو إسرائيليا.
ومن ثم فإن شكي في مصرية موسى إنما يرجع لأسباب أخرى ، منها (أولا) أن الجمهور على أن موسى إنما كان أخا شقيقا لهارون عليهماالسلام ، حتى وإن ذهب البعض إلى أنه كان أخاه من الأم ، وهارون كان إسرائيليا دونما ريب ، وبالتالي كان شقيقه موسى كذلك ، ومنها (ثانيا) أن الرسل إنما تبعث في أقوامها ، وموسى قد أرسل إلى بني إسرائيل ، ومن ثم فهو إسرائيلي ، ومنها (ثالثا) أن دعوة موسى عليهالسلام كان موضوعها ، بجانب دعوة فرعون إلى الإقرار بتوحيد الله وربوبيته ، إنما هو إطلاق سراح بني إسرائيل من فرعون وقومه المصريين ، كما يبدو ذلك واضحا في عدة آيات من الذكر الحكيم (الأعراف : آية ١٠٤ ـ ١٠٥ ، طه : آية ٤٧ ، الشعراء : آية ١٦ ـ ١٧) ، والأمر كذلك بالنسبة إلى نصوص التوراة (سفر الخروج ٣ ـ ٢٢ ، ٥ ـ ٣ ، ٦ ـ ١٣) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي وردت في الإصحاحات من السادس إلى العاشر من سفر الخروج ، والتي تتحدث عن إخراج بني إسرائيل من مصر ، مما يشير بوضوح إلى أن دعوة موسى عليهالسلام ، كما تصورها التوراة ، إنما هو إخراج بني إسرائيل من مصر ، وأن يقيهم شر العذاب المهين الذي كانوا يتعرضون له في أرض الكنانة ، وليس من المنطق أن يكون موسى مصريا ، ثم تكون دعوته إطلاق بني إسرائيل من مصر ، من فرعون وملئه ، ثم الخروج بهم من مصر