وهكذا يرفع القرآن الكريم هذين النبيين الكريمين إلى الدرجة التي يستحقانها ، ثم يطلب إلى المؤمنين به أن يرتفعوا إلى مستوى دينهم القويم ، فلا يتأثروا بما يعرفون عن بني إسرائيل في حكمهم على موسى عليهالسلام (١) ، فيقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا ، وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) (٢).
انتقل موسى ، عليهالسلام ، راضيا مرضيا عنه ، وقد أكمل الرسالة ، وبلغ الدعوة ، ونقرأ في التوراة (٣) : «وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات» (٤) ، وليست هناك أية دلائل في التوراة تشير إلى أن موسى لقي ميتة عنيفة ، غير طبيعية غير أننا نرى في عام ١٩٢٢ م «أرنست سيللين» يزعم أنه قد وجد في بعض فقرات من سفر «هوشع» (٥) بقايا تقاليد مختلفة ، ترى أن موسى قد مات شهيدا ، فقد ذبحه الكهنة الذين أطاحوا تماما بالدين الذي أسسه (٦).
وفي عام ١٩٣٨ م ، أصدر «سيجموند فرويد» كتابه الشهير «موسى والتوحيد» ، زعم فيه أن هذه التقاليد ـ الآنفة الذكر ، لم تكن مقصورة على
__________________
ـ المنار ٩ / ١٠٤ ـ ١١٢ ، تفسير القرطبي ص ٢٧١٦ ، تفسير وجدي ص ٢١٤ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٤٧١.
(١) عبد الرحيم فودة : المرجع السابق ص ٢١٤.
(٢) سورة الأحزاب : آية ٦٩ ، وانظر : تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٢٣٣ ، تفسير القرطبي ١٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥٢ (القاهرة ١٩٦٧) ، تفسير وجدي ص ٥٦١ ، تفسير الطبري ٢٢ / ٥٠ ـ ٥٣.
(٣) تثنية ٣٤ : ٧.
(٤) ترى التقاليد اليهودية والنصرانية أن موسى أقام في مدين أربعين عاما ، وأنه حين خرج من مصر لاجئا إلى مدين كان في الأربعين من عمره ، ثم بعث نبيا وهو في الثمانين ، وأنه مات وهو ابن مائة وعشرون سنة (أعمال الرسل ٧ : ٧ ، ٢٣ ، ٣٠ ، قاموس الكتاب المقدس ٢ / ٩٣١ ، شاهين مكاريوس : المرجع السابق ص ٤٠ ، عدد ١٤ : ٣٣ ، تنبيه ٣٤ : ٧).
(٥) هوشع ٤ : ٤ ـ ٩ ، ٥ : ١ ـ ٤ ، ٨ : ٣ ـ ٧ ، ٩ : ٧ ـ ١١.
(٦) Ernst Sellin Mose und Seine Bedeutung fur die Israelitisch Judischo ١٩٢٢ Religionsgeschic hte. Leipzig,.