هوشع ، وإنما هي تتكرر في كتابات معظم الأنبياء اللاحقين ، بل إنها ـ فيما يرى سيللين ـ أساس التوقعات القادمة بمقدم المسيا (المسيح). وقرب نهاية الأسر البابلي (٥٨٦ ـ ٥٣٩ ق. م) انبثق الأمل بين الشعب اليهودي في أن الرجل الذي اغتالوه بكل قسوة ، سوف يعود من مملكة الموتى ، ليقود شعبه النادم ـ وربما غير شعبه أيضا ـ إلى أرض النعيم الخالد.
ثم يعترض «فرويد» على ما ذهب إليه «سيللين» من أن الحادث العنيف قد وقع عند «شيتم shittim» بشرق الأردن ، وإنما يفترض أن ذلك الحادث إنما وقع قبل اتحاد القبائل الخارجة من مصر ، مع ذوي قرباها ، في الأرض الواقعة بين مصر وكنعان ـ وفي قادش ، فيما يرى ماير وجرسمان وآخرون ـ ثم استبدل بعد ذلك موسى المصري في التقاليد ، بموسى آخر ، هو الذي أسس فيما بعد ديانة «يهوه» ، وهو زوج ابنة «يثرون» كاهن مدين ، والذي أطلقوا عليه اسم «موسى» كذلك (١).
ونحن لا نعرف ، على أي حال ، شخصية موسى الآخر ، الذي يحجبه تماما موسى الأول أو المصري ، فيما عدا بعض مفاتيح شخصيته التي تقدمها التناقضات التي يمكن العثور عليها في تصوير التوراة لشخصية موسى ، ففي الوقت الذي يوصف فيه بأنه قوي حاد المزاج ، بل عنيف أحيانا ، يقال عنه في مواضع أخرى ، إنه كان أكثر الرجال صبرا وتواضعا ، ومن الواضح أن مثل هذه الصفات الأخيرة ، لا يمكن أن تكون ذات فائدة لموسى المصري الذي قام بمثل هذه المشروعات الشاقة العظيمة ، ولربما تعزي هذه الصفات إلى موسى الآخر ، موسى مدين.
ولعل لنا الحق بعد ذلك ، فيما يرى فرويد ـ أن نفصل بين الشخصيتين احداهما عن الأخرى ، ونفترض أن موسى المصري لم يذهب مطلقا إلى
__________________
(١) ٤٦ ـ ٤٢. S.Freud ,op ـ cit ,p ,