«قادش» ، كما أن موسى مدين لم يضع قدمه في مصر ، ولم يعرف شيئا عن «آتون» ولكن من أجل أن يصبح الاثنان واحدا جعلت التقاليد ـ أو الأساطير ـ موسى المصري يذهب إلى مدين ، وهكذا نرى أن أكثر من تفسير يمكن أن يقدم (١).
والرأي عندي أن ذلك أمر غير مقبول ، وأنه تحميل للنصوص أكثر مما تحتمل ، صحيح أن التوراة تروي أن هناك ثورات عنيفة قامت أثناء فترة التيه في صحراوات سيناء ضد موسى (٢) ، وأن واحدة من هذه الثورات كانت من اللاويين ، رهط موسى الأدنين (٣) ، بل إن أخرى إنما كانت من بيت موسى نفسه ، من أخويه هارون ومريم (٤) ، وصحيح أن واحدة من هذه الثورات إنما قد طالبت علانية بخلع موسى والعودة إلى مصر (٥) ، وصحيح أن رواية التوراة عن موت موسى وهارون إنما هي جد غامضة ، وأنها تجعل خيانتهما للرب ـ والعياذ بالله ـ سببا في هذا الموت (٦).
كل تلك أمور حدثتنا عنها التوراة ، بل وصحيح كذلك أن قتل النبيين عند اليهود أمر مألوف ، وصدق عز من قال : (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) (٧) ، وقد قتلت يهود
__________________
(١) ٣٠٨ A.Lesd ,op ـ cit ,p .. وكذا ،٤٩ ـ ٤٦. S.Freud ,op ـ cit ,p.
(٢) خروج ١٥ : ٢٣ ـ ٢٥ ، ١٦ : ٢ ـ ٣ ، ١٧ : ١ ـ ٧.
(٣) عدد ١٦ : ١ ـ ٤١.
(٤) عدد ١٢ : ١ ـ ١٥.
(٥) عدد ١٤ : ٢ ـ ٤.
(٦) تثنية ٣٢ : ٤٨ ـ ٥٣.
(٧) سورة البقرة : آية ٨٧ ، وانظر : سورة البقرة : آية ٦١ ، ٩١ ، سورة آل عمران : آية ١١٢ ، سورة المائدة ٧٠ ، وكذا : تفسير الطبري ٢ / ١٣٩ ـ ١٤٢ ، ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، ٣٥٠ ـ ٣٥٤ ، ٧ / ١١٦ ـ ١١٨ ، ١٠ / ٤٧٧ (دار المعارف) ، تفسير ابن كثير ١ / ٤٥ ـ ١٤٧ ، ١٧٥ ـ