يحيى عليهالسلام (١) ، كما حاولت نفس الأمر مع المسيح عيسى بن مريم ، ولكن الله جلت قدرته نجاه من كيد الفاسقين ، وصدق الله العظيم حيث يقول : (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ ، وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ، وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ ، وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً ، بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ ، وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٢).
كل ذلك وغيره صحيح ، ولكنه صحيح كذلك ، أن التوراة والإنجيل والقرآن العظيم ، وهي دون شك مصدرنا الأساسي عن الأنبياء عليهمالسلام ، لم تقل أن موسى عليهالسلام ، مات مقتولا ، أو حتى لقي ميتة عنيفة ، ولم يقدم لنا «سيللين» أو «فرويد» نصا واحدا صريحا من نصوص التوراة ، التي زعما أنها تشير إلى ذلك ، كما أن الدليل التاريخي على هذا الحدث المؤلم مفقود تماما ، ومن هنا فالأمر ، فيما أومن به واعتقد ، مجرد ظن ، وإن بعض الظن إثم.
ومن ثم فلنا أن نعتبر ما ذهب إليه «سيللين وفرويد» من شطحات
__________________
ـ ١٧٩ ، ٢ / ٧٧ ـ ٨٦ ، ٣ / ١٤٨ ، تفسير المنار ١ / ٢٧٣ ـ ٢٧٦ ، ٣١١ ـ ٣١٢ ، ٣١٧ ـ ٣١٨ ، / ٥٧٤ ـ ٥٨ ، ٣٩٧ ـ ٣٩٨.
(١) متى ١٤ : ٢ ـ ١١ ، مرقس ٦ : ١٧ ـ ٢٨ ، تاريخ يوسفيوس ص ٢١٤ ، فيلب حتى : المرجع السابق ص ٤٢٠ ، ٤٢٢ ثم قارن ابن الأثير ١ / ٣٠١ ـ ٣٠٢ ، تاريخ الطبري ١ / ٥٨٥ ـ ٥٩٣ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٤٤ ، ابن كثير : قصص الأنبياء ٢ / ٣٦٢ ـ ٣٦٦ ، الثعلبي : قصص الأنبياء ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ ، عبد الرازق نوفل : يوحنا المعمدان ص ٥٩ ـ ٨٦ ، كتابنا «دراسات في تاريخ العرب القديم» ص ٥١٦ ـ ٥١٨ (الرياض ١٩٧٧ ـ أصدرته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، تحت رقم ١ من المكتبة التاريخية).
(٢) سورة النساء : آية ١٥٧ ـ ١٥٨ ، وانظر : تفسير الطبرسي ٦ / ٢٧٩ ـ ٢٨٤ ، تفسير الطبري ٨ / ٣٧٦ ـ ٣٧٩ ، في ظلال القرآن ٦ / ١٩ ـ ٢١ ، الجواهر في تفسير القرآن الكريم ٣ / ١٠٨ ـ ١٠٩ ، تفسير النسفي ١ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧ ، تفسير الكشاف ١ / ٥٨٤ ـ ٥٨٩ ، تفسير روح المعاني ٤ / ١٠ ـ ١٢ ، تفسير أبي السعود ١ / ٨٠٨ ـ ٨١٠ ، تفسير الفخر الرازي ١٠ / ٩٩ ـ ١٠٢ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٣٩٩ ـ ٤١٩ تفسير المنار ٦ / ١٠ ـ ٢٠ ، تفسير القرطبي ص ٢٠٠٥ ـ ٢٠٠٦.