السلام ، لا يكاد يذكر ، إلى جانب دعوته الدينية ، والتغيير الاجتماعي الذي سببته هذه الدعوة بين العبرانيين ، ذلك لأن موسى لم يؤسس أمة فحسب ، وإنما أرسى كذلك قواعد دين ، وكان الكليم كحامل لوحي ديني ـ على مثال مولانا وسيدنا محمد رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، بعد ذلك بحوالي ألفي سنة ـ استطاع أن ينهض بتحويل بعيد المدى في عادات البدو الساميين للقبيلة ، التي لو لا ذلك لظلت باقية على ما هي عليه ، وقد ثبّت عبادة «يهوه» لتكون عبادة شعب ، وبهذا أتى إلى حيز الوجود بأمة جديدة ، ومنذ ذلك الحين ، صار «يهوه» إله العبرانيين ، الذي أطلق سراح آبائهم من العبودية ، وقادهم خلال أخطار البرية ، إلى أرض الموعد (١).
ومن هنا نرى «جيمس هوسمر» يقرر أن مكانة موسى ؛ إنما جاءت من كفاءته التي استطاع بها أن يقود بني إسرائيل ويخرجهم من مصر ، ثم من مقدرته على إملاء التوراة ، التي كانت قانون هذه الجماعة ، بعد إن لم يكن لها قانون ، كما كانت القاعدة التي قام عليها بناء الدولة من الناحية السياسية (٢).
وهكذا تجمع الآراء على أنه لو لا موسى ـ عليهالسلام ـ لما كان لبني إسرائيل ، أو لعقيدتهم وجود ، حتى إنه ليقال في الأساطير اليهودية نفسها ، أنه لو لم يوجد موسى ، لاضطروا إلى ابتداع شخصيته بخيال ، فإن ذكراه الحية هي التي تتأممهم إلى وجود (٣) ، ومن ثم نستطيع تفسير وجود الشعب اليهودي ، بآرائه وشريعته وفلسفته ودينه (٤).
__________________
(١) و. ج. دي بورج : تراث العالم القديم ، ترجمة زكي سوسن ـ الجزء الأول ، القاهرة ١٩٦٥ ص ٦٦.
(٢) أحمد شلبي : اليهودية ، القاهرة ١٩٦٧ ، ص ١٤٦ ، وكذا ١٤Jams Hosmer ,The Jews ,P ,.
(٣) حسين ذو الفقار صبري : المجلة ، العدد ١٥١ «يولية ١٩٦٩ ص ١٨ ، وكذاA.L.Sachar ,A
١٧ ـ ١٦.p ، ١٩٤٥. History of The Jews N ,Y ,
(٤) ٧ C.Roth ,op ـ cit ,P ..