منها (أولا) امتناعه عن مطاوعة امرأة العزيز ووقوفه في وجهها بكل صلابة وعزم «قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون» ومنها (ثانيا) فراره من امرأة العزيز بعد أن حاصرته وضيقت عليه الخناق وأرادته على نفسها بالغصب والإكراه ، ولو كان يوسف قد همّ بالفاحشة لما فر منها ، لأن الذي يريد ذلك يقدم ولا يفر «واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر» الآية ، ومنها (ثالثا) شهادة بعض أقرباء المرأة ببراءة يوسف حيث أشار بفحص ثوبه فإن كان طالبا وهي الممتنعة فإن ثوبه سيشق من أمام ، وإن كانت هي الطالبة له وهو الممتنع فإن ثوبه سيشق من خلف ، وهذا ما ثبت (الآيات ٢٦ ـ ٢٩) ، ومنها (رابعا) تفضيله السجن على عمل الفاحشة (آية ٣٣) وهذا من أعظم البراهين على براءته ، ذلك لأنه لو طاوعها لما لبث في السجن بضع سنين بسبب تلك التهمة الظالمة ، ومنها (خامسا) ثناء الله تعالى عليه في مواطن عديدة من السورة ، كما في الآيات (٢١ ، ٢٢ ، ٢٤) فلقد أخبر الله تعالى أنه من المحسنين وأنه من عباده المخلصين ، ولن يكون ثناء الله تعالى إلا على من صفت نفسه ، وطهرت سيرته من كل نية سوء ، وكل عمل قبيح ، فكان من الأطهار المقربين ، كما أثنى عليه سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال صلىاللهعليهوسلم : إن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم ، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وكفى بذلك شرفا وفضلا.
ومنها (سادسا) اعتراف امرأة العزيز نفسها بعصمته وعفته أمام جمع من نسوة المدينة ، كما في الآيات (٣١ ـ ٣٢) ومنها (سابعا) ظهور أمارات براءة يوسف بكل الأدلة ، كقد القميص وقطع النسوة أيديهن وشهادة الصبي ، ومع ذلك فقد أقدم العزيز على سجنه إيهاما للناس ، وسترا على زوجته (الآية ٣٥) ، ومنها (ثامنا) استجابة الله تعالى لدعوة يوسف بأن يصرف عنه كيدهن ، ولو كان راغبا في مطاوعة امرأة العزيز ، لما طلب من الله أن يصرف عنه كيدهن (الآية ٣٤) ، ومنها (تاسعا) عدم قبول يوسف الخروج من السجن