في أرض جاسان ، ويجيب الملك سؤلهم (١) ، ولعل في اختيار هذا المكان ، إلى جانب جودته ، روعى فيه قربه من حدود مصر الشرقية ، وسيناء المطلة على أرض كنعان ، حيث ورد يعقوب وبنوه ، كي يقيموا ما أحبوا الإقامة ، ويرحلوا متى شاءوا الرحيل (٢).
وهكذا استقر المطاف ببني يعقوب إلى الاستقرار في مصر ، حيث نزلوا أرض جوشن (جسم أو جسام ، كما قرئ اسمها في النصوص المصرية (٣)) ، أو أرض «جاسان» ، كما وردت في توراة يهود ، ويكون استقرارهم هذا في تلك البقعة من وادي طميلات شرقي الدلتا ، فاتحة لقصة تاريخ أكبر تشعبت أحداثه ، وتقلبت فصوله.
على أن هناك خطأ تاريخيا في رواية التوراة ، حيث تقول في سفر التكوين أن يوسف قد أسكن أباه وأخوته في «أرض رعمسيس» ، ذلك لأن كلمة «رعمسيس» لا تستعمل إلا منذ الأسرة التاسعة عشرة (١٣٠٨ ـ ١١٩٤ ق م) ، وليس منذ عهد الهكسوس (حوالي ١٧٢٥ ـ ١٥٧٥ ق. م) ، وهو العصر الذي يفترض دخول بني يعقوب فيه مصر ، كما سوف نفصل ذلك فيما بعد.
وعلى أي حال ، فلقد قام جدل طويل حول موقع «أرض جوشن» أو جاسان ، وربما كان ذلك لأن «أرض جوشو» لم تذكر في أي نقش مصري (٤) ، وإنما بدلا عنها «أرض جسم أو جاسم» (٥) ، هذا فضلا عن أن
__________________
(١) تكوين ٤٨ / ٥ ـ ٦.
(٢) كمال عون : اليهود من كتابهم المقدس ـ القاهرة ١٩٧٠ ص ٨٥.
(٣).P.Montet ,L\'Egypt et la Bible ,. ٥٧.p ، ١٩٥٩.
(٤) جيمس بيكي : الآثار المصرية في وادي النيل ـ الجزء الأول ، ترجمة لبيب حبشي وشفيق فريد ، مراجعة محمد جمال الدين مختار ، القاهرة ١٩٦٣ ص ٤٩.
(٥).P.montet ,L\'Egypte et la Bible ,p. ٥٧.