قبائل أخرى ، وأجزاء من قبائل ـ قد سمح لهم بالاستقرار على حدود مصر في منطقة رعوية ، تقع بين الدلتا والصحراء الشرقية (العربية) ، ذلك لأنهم كانوا قد اضطروا أن يتركوا أماكنهم المعتادة ، بسبب مجاعة ألمت بهم نتيجة الجفاف ، على رواية ، وبسبب إخوتهم ـ أي البدو الآخرين ـ طبقا لرواية أخرى (قصة يوسف في التقاليد العبرية وغيرها (١)). والأمر بهذه الصور مقبول نوعا ما رغم اختلافه في بعض الأمور مع رواية الكتاب المقدس.
ويبدو أن هذا الخلاف بين روايات التوراة وآراء المؤرخين لم يكن مقصورا على دخول الإسرائيليين مصر ، وإنما امتد كذلك إلى الأسباط التي عاشت في مصر كذلك ، ومن ثم فإنه على الرغم من أن التوراة تروي في سفر التكوين أن يوسف قد استدعى أباه وإخوته جميعا للإقامة معه في أرض الكنانة ، وأن يعقوب قد أتى إلى مصر ، (ومعه كل نسله ، بنوه وبنو بنيه معه ، وبنات بنيه وكل نسائه ، جاء بهم معه إلى مصر) (٢) ، هذا فضلا عن أن التوراة إنما ذكرت أسماء بني إسرائيل الذين جاءوا إلى مصر وعددهم. (٣)
رغم هذا كله ، فإن هناك فريقا كبيرا من المؤرخين يذهب إلى أن هناك جزءا كبيرا ممن أطلق عليهم اسم «الإسرائيليين» لم تطأ أقدامهم أرض النيل أبدا ، أو على الأقل ـ فيما يرى البعض ـ لم يبقوا بها حتى الخروج المشهور على أيام موسى ، عليهالسلام ، وهكذا رأينا «تيودور روبنسون» يذهب إلى أن شعب إسرائيل الذي يتحدث التاريخ عنه ، إنما يشمل عشائر كثيرة لم تطأ أقدامها أرض مصر مطلقا ، بل إن الإصحاح الثامن والثلاثين من سفر التكوين قد يفهم منه أن يهوذا قد استقر في الجزء الجنوبي من كنعان ، وأن
__________________
(١) A.Lods ,op ـ cit ,p.١٧١.
(٢) تكوين ٤٥ : ١٦ ـ ٢٨.
(٣) تكوين ٤٦ : ٧ ـ ٢٧ ، أنظر : سورة يوسف : آية ٩٣ ـ ١٠١.