ما ألحق به من الثلاثيّ بين أصلين ، لئلا يخالف الملحق ما ألحق به. ولا يمكن جعل النون في «اسحنكك» و «اقعنسس» وأشباههما بين أصلين ، إلّا بأن يكون الأوّل من المثلين هو الأصل ، والثاني هو الزائد. وإذا ثبت في هذا الموضع أنّ الزائد من المثلين هو الثاني حملت سائر المواضع عليه.
وهذا الذي استدلّ به لا حجّة فيه ، لأنه لا يلزم أن يوافق الملحق ما ألحق به في أكثر من موافقته له في الحركات والسّكنات وعدد الحروف ؛ ألا ترى أنّ النّون في «افعنلل» من الرباعيّ بعدها حرفان أصلان ، وليس بعدها فيما ألحق به من الثلاثيّ إلّا حرفان ، أحدهما أصليّ ، والآخر زائد. فكما خالف الملحق الملحق به ، في هذا القدر ، فكذلك يجوز أن يخالفه في كون النون في الملحق به واقعة بين أصلين ، وفي الملحق به واقعة بين أصلين ، وفي الملحق واقعة بين أصل وزائد.
والصحيح عندي ما ذهب إليه الخليل ، من أنّ الزائد منهما هو الأوّل ، بدليلين :
أحدهما : أنهم لمّا صغّروا «صمحمح» قالوا «صميمح» ، فحذفوا الحاء الأولى. ولو كانت الأولى هي الأصليّة والثانية هي الزائدة لوجب حذف الثانية ، لأنه لا يحذف في التصغير الأصل ، ويبقى الزائد.
فإن قال قائل : فلعلّ الذي منع من حذف الحاء الأخيرة ، وإن كانت هي الزائدة ، ما ذكره الزّجّاج ، من أنك لو فعلت ذلك لقلت «صميحم» ، ويكون تقديره من الفعل «فعيلع» ، وذلك بناء موجود؟.
فالجواب : أنّ هذا القدر ليس بمسوّغ حذف الأصليّ وترك الزائد ، لأنّ البناء الذي يؤدّي إليه التّصغير عارض لا يعتدّ به ، بدليل أنك تقول في تصغير «افتقار» : «فتيقير» ، فتحذف همزة الوصل ، وتصير كأنك صغّرت «فتقارا» ، و «فتعال» ليس من أبنية كلامهم. فكذلك كان ينبغي أن يقال «صميحم» ، وإن أدّى إلى بناء غير موجود.
والآخر أنّ العين إذا تضعّفت ، وفصل بينهما حرف ، فإنّ ذلك الفاصل أبدا لا يكون إلّا زائدا نحو «عثوثل» (١) و «عقنقل» (٢) ؛ ألا ترى أنّ الواو والنون الفاصلتين بين العينين زائدتان. فإذا ثبت ذلك تبيّن أنّ الزائد من الحاءين في «صمحمح» هي الأولى ، لأنها
__________________
(١) العثوثل : الشيخ الثقيل ، وفي اللسان : الكثير اللحم الرخو ، مادة (عثل).
(٢) العقنقل : الكثيب العظيم من الرمل ، الصحاح للجوهري ، مادة (عقنقل).